لأن القصد من السلام المؤانسة والألفة، وفي تخصيص البعض إيحاش للباقين، وربما صار سببا للعداوة.
فصل: إذا مشى في السوق أو الشوارع المطروقة كثيرا ونحو ذلك مما يكثر فيه المتلاقون، فقد ذكر أقضى القضاة الماوردي أن السلام هنا إنما يكون لبعض الناس دون بعض، قال: لأنه لو سلم على كل من لقي لتشاغل به عن كل مهم، ولخرج به عن العرف، قال: وإنما يقصد بهذا السلام أحد أمرين: إما اكتساب ود، وإما استدفاع مكروه.
فصل: قال المتولي: إذا سلمت جماعة على رجل فقال: وعليكم السلام، وقصد الرد على جميعهم سقط عنه فرض الرد في حق جميعهم، كما لو صلى على جنائز دفعة واحدة فإنه يسقط فرض الصلاة على الجميع.
فصل: قال الماوردي: إذا دخل إنسان على جماعة قليلة يعمهم سلام واحد، اقتصر على سلام واحد على جميعهم، وما زاد من تخصيص بعضهم فهو أدب، ويكفي أن يرد منهم واحد، فمن زاد منهم فهو أدب، قال: فإن كان جمعا لا ينتشر فيهم السلام الواحد كالجامع والمجلس الحفل، فسنة السلام أن يبتدئ به الداخل في أول دخوله إذا شاهد القوم، ويكون مؤديا سنة السلام في حق جميع من سمعه، ويدخل في فرض كفاية الرد جميع من سمعه، فإن أراد الجلوس فيهم سقط عنه سنة السلام فيمن لم يسمعه من الباقين، وإن أراد أن يجلس فيمن بعدهم ممن لم يسمع سلامه المتقدم ففيه وجهان لأصحابنا، أحدهما: أن سنة السلام عليهم قد حصلت بالسلام على أوائلهم لأنهم جمع واحد، فلو أعاد السلام عليهم كان أدبا، وعلى هذا أي أهل المسجد رد عليه سقط به فرض الكفاية عن جميعهم. والوجه الثاني: أن سنة السلام باقية لمن لم يبلغهم سلامه المتقدم إذا أراد الجلوس فيهم، فعلى هذا لا يسقط فرض رد السلام المتقدم عن الأوائل برد الأواخر.
فصل: ويستحب إذا دخل بيته أن يسلم وإن لم يكن فيه أحد، وليقل: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. وقد قدمنا في أول الكتاب بيان ما يقوله إذا دخل بيته (1)،