الركوع، فإن اقتصر على بعضها، فليقتصر على " سمع الله لمن حمده " ربنا لك الحمد، ملء السماوات، وملء الأرض وما بينهما، وملء ما شئت من شئ بعد "، فإن بالغ في الاقتصار اقتصر على " سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمد "، فلا أقل من ذلك.
واعلم أن هذه الأذكار كلها مستحبة للإمام والمأموم والمنفرد، إلا أن الإمام لا يأتي بجميعها، إلا أن يعلم من حال المأمومين أنهم يؤثرون التطويل. واعلم أن هذا الذكر سنة ليس بواجب، فلو تركه كره له كراهة تنزيه، ولا يسجد للسهو، ويكره قراءة القرآن في هذا الاعتدال كما يكره في الركوع والسجود، والله أعلم.
(باب أذكار السجود) فإذا فرغ من أذكار الاعتدال كبر وهو ساجدا ومد التكبير إلى أن يضع جبهته على الأرض. وقد قدمنا حكم هذه التكبيرة، وأنها سنة لو تركها لم تبطل صلاته ولا يسجد للسهو، فإذا سجد أتى بأذكار السجود، وهي كثيرة.
142 - فمنها ما رويناه في " صحيح مسلم " من رواية حذيفة المتقدمة في الركوع في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، حين قرأ (البقرة) و (النساء) و (آل عمران) في الركعة الواحدة، لا يمر بآية رحمة إلا سأل، ولا بآية عذاب إلا استعاذ، قال: ثم سجد فقال: " سبحان ربي الأعلى " فكان سجوده قريبا من قيامه.
143 - وروينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: " سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي ".
144 - وروينا في " صحيح مسلم " عن عائشة رضي الله عنها ما قدمناه في الركوع:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده: " سبوح قدوس، رب الملائكة والروح ".
145 - وروينا في " صحيح مسلم " أيضا عن علي رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد قال: " اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوره، وشق سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين ".
146 - وروينا في الحديث الصحيح في كتب السنن، عن عوف بن مالك ما قدمناه في فصل الركوع، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركع ركوعه الطويل يقول فيه: " سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة، ثم قال في سجوده مثل ذلك ".