أسأل الله التوفيق لذلك أو أسأل الله الكريم لطفه، ثم يتلطف في مخاطبة من قال له ذلك، وليحذر كل الحذر من تساهله عند ذلك في عبارته، فإن كثيرا من الناس يتكلمون عند ذلك بما لا يليق، وربما تكلم بعضهم بما يكون كفرا، وكذلك ينبغي إذا قال له صاحبه: هذا الذي فعلته خلاف حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أو نحو ذلك، أن لا يقول:
لا ألتزم الحديث، أو لا أعمل بالحديث، أو نحو ذلك من العبارات المستبشعة، وإن كان الحديث متروك الظاهر لتخصيص أو تأويل أو نحو ذلك، بل يقول عند ذلك: هذا الحديث مخصوص أو متأول أو متروك الظاهر بالإجماع، وشبه ذلك.
(باب الإعراض عن الجاهلين) قال الله سبحانه وتعالى: (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) [الأعراف: 199] وقال تعالى: (وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين) [القصص: 55] وقال تعالى: (فأعرض عمن تولى عن ذكرنا) [النجم: 29] وقال تعالى: (فاصفح الصفح الجميل) [الحجر: 85].
955 - وروينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: " لما كان يوم حنين آثر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ناسا من أشراف العرب في القسمة، فقال رجل: والله إن هذه قسمة ما عدل فيها، وما أريد فيها وجه الله، فقلت: والله لأخبرن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فأتيته فأخبرته بما قال، فتغير وجهه حتى كان كالصرف، ثم قال:
فمن يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله، ثم قال: يرحم الله موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر ".
قلت: الصرف بكسر الصاد المهملة وإسكان الراء، وهو صبغ أحمر.
956 - وروينا في " صحيح البخاري " عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم عيينة بن حصن بن حذيفة، فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس، وكان من النفر الذين يدنيهم عمر رضي الله عنه، وكان القراء أصحاب مجلس عمر رضي الله عنه ومشاورته، كهولا كانوا أو شبانا، فقال عيينة لابن أخيه: يا بن أخي، لك وجه عند هذا الأمير فاستأذن لي عليه، فاستأذن، فأذن له عمر، فلما دخل قال: هي (1) يا ابن الخطاب، فوالله