1205 - وفيه عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " إن لله تعالى ملكا موكلا بمن يقول: يا أرحم الراحمين، فمن قالها ثلاثا قال له الملك: إن أرحم الراحمين قد أقبل عليك فسل " (1).
(باب في آداب الدعاء) إعلم أن المذهب المختار الذي عليه الفقهاء والمحدثون وجماهير العلماء من الطوائف كلها من السلف والخلف: أن الدعاء مستحب، قال الله تعالى: (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم) [غافر: 60] وقال تعالى: (ادعوا ربكم تضرعا وخفية) [الأعراف: 55] والآيات في ذلك كثيرة مشهورة.
وأما الأحاديث الصحيحة، فهي أشهر من أن تشهر، وأظهر من أن تذكر، وقد ذكرنا قريبا في الدعوات ما به أبلغ كفاية، وبالله التوفيق.
وروينا في " رسالة الإمام أبي القاسم القشيري " رضي الله عنه قال: اختلف الناس في أن الأفضل الدعاء، أم السكوت والرضى؟ فمنهم من قال: الدعاء عبادة، للحديث السابق " الدعاء هو العبادة " (2) ولان الدعاء إظهار الافتقار إلى الله تعالى. وقالت طائفة:
السكوت والخمود تحت جريان الحكم أتم، والرضا بما سبق به القدر أولى، وقال قوم: يكون صاحب دعاء بلسانه ورضا بقلبه ليأتي بالأمرين جميعا.
قال القشيري: والأولى أن يقال: الأوقات مختلفة، ففي بعض الأحوال الدعاء أفضل من السكوت، وهو الأدب، وفي بعض الأحوال السكوت أفضل من الدعاء، وهو الأدب، وإنما يعرف ذلك بالوقت، فإذا وجد في قلبه إشارة إلى الدعاء، فالدعاء أولى به، وإذا وجد إشارة إلى السكوت، فالسكوت أتم. قال: ويصح أن يقال ما كان للمسلمين فيه نصيب، أو لله سبحانه وتعالى فيه حق، فالدعاء أولى، لكونه عبادة، وإن كان لنفسك فيه حظ فالسكوت أتم.
قال: ومن شرائط الدعاء أن يكون مطعمه حلالا (3).