قال أبو سعد المتولي: ولو سلم على رجل ظنه مسلما، فبان كافرا، يستحب أن يسترد سلامه فيقول له: رد علي سلامي، والغرض من ذلك أن يوحشه ويظهر له أنه ليس بينهما ألفة. وروي أن ابن عمر رضي الله عنهما سلم على رجل، فقيل: إنه يهودي، فتبعه وقال له: رد علي سلامي 730 - قلت: وقد روينا في " موطأ مالك " رحمه الله أن مالكا سئل عمن سلم على اليهودي أو النصراني هل يستقيله ذلك؟ فقال: لا، فهذا مذهبه، واختاره ابن العربي المالكي. قال أبو سعد: لو أراد تحية ذمي، فعلها بغير السلام، بأن يقول: هداك الله، أو أنعم الله صباحك.
قلت: هذا الذي قاله أبو سعد لا بأس به إذا احتاج إليه، فيقول: صبحت بالخير، أو السعادة، أو بالعافية، أو صبحك الله بالسرور، أو بالسعادة والنعمة أو بالمسرة أو ما أشبه ذلك. وأما إذا لم يحتج إليه، فالاختيار أن لا يقول شيئا، فإن ذلك بسط له وإيناس وإظهار صورة ود، ونحن مأمورون بالإغلاظ عليهم ومنهيون عن ودهم فلا نظهره، والله أعلم.
فرع: إذا مر واحد على جماعة فيهم مسلمون، أو مسلم وكفار، فالسنة أن يسلم عليهم يقصد المسلمين أو المسلم.
731 - روينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما " أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود، فسلم عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ".
732 - فرع: إذا كتب كتابا إلى مشرك، وكتب فيه سلاما أو نحوه، فينبغي أن يكتب ما رويناه في " صحيحي البخاري ومسلم " في حديث أبي سفيان رضي الله عنه في قصة هرقل " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب: من محمد عبد الله ورسوله، إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى ".
فرع فيما يقول إذا عاد ذميا: إعلم أن أصحابنا اختلفوا في عيادة الذمي، فاستحبها جماعة، ومنها جماعة، وذكر الشاشي الاختلاف ثم قال: الصواب عندي أن يقول: عيادة الكافر في الجملة جائزة، والقربة فيها موقوفة على نوع حرمة تقترن بها من جوار أو قرابة.