فقال له رجل إني أردت أن أحج بامرأتي وقد اكتتبت في غزوة كذا وكذا فقال احجج بامرأتك فدل ذلك على أنها لا ينبغي لها أن تحج إلا به ولولا ذلك لقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم وما حاجتها إليك لأنها تخرج مع المسلمين وأنت فامض لوجهك فيما اكتتبت ففي ترك النبي صلى الله عليه وسلم أن يأمره بذلك وأمره أن يحج معها دليل على أنها لا يصلح لها الحج إلا به فان قال قائل قد رويتم عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تسافر امرأة مسيرة ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم وقد روى عنه من قوله بعد النبي صلى الله عليه وسلم خلاف ذلك فذكر ما حدثنا علي بن عبد الرحمن قال ثنا عبد الله بن صالح قال ثنا بكر بن مضر عن عمرو بن الحارث عن بكير أن نافعا حدثه أنه كان يسافر مع بن عمر رضي الله عنهما مواليات له ليس معهن ذو محرم قيل له ما هذا بخلاف لما رويناه عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم لأنا لم نرو عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم نهيا أن تسافر المرأة سفرا أي سفرا كان إلا بمحرم ولكنا روينا عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن تسافر المرأة سفرا ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم فكان ذلك ناهيا لها عن السفر الذي مقدار مسافته الثلاث إلا بمحرم ومبيحا لما هو أقل منه مسافة بغير محرم فقد يجوز أن يكون السفر الذي كان يسافره معه هؤلاء المواليات بغير محرم هو السفر الذي لم يدخل فيما نهى عنه ما رويناه عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم واحتج آخرون في إباحة السفر للمرأة بغير محرم بما روى عن عائشة رضي الله عنه أنها كانت تسافر بغير محرم فحدثني بعض أصحابنا عن محمد بن مقاتل الرازي لا أعلمه عن حكام الرازي قال سألت أبا حنيفة رحمه الله هل تسافر المرأة بغير محرم فقال لا نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسافر امرأة مسيرة ثلاثة أيام فصاعدا إلا ومعها زوجها أو أبوها أو ذو رحم منها قال حكام فسألت العرزمي فقال لا بأس بذلك حدثني عطاء أن عائشة رضي الله عنها كانت تسافر بلا محرم قال فأتيت أبا حنيفة رحمه الله فأخبرته بذلك فقال أبو حنيفة رحمه الله لم يدر العرزمي ما روى كان الناس لعائشة محرما فمع أيهم سافرت فقد سافرت مع محرم وليس الناس لغيرها من النساء كذلك وكل الذي أثبتنا في هذا الباب من منع المرأة من السفر مسيرة ثلاثة أيام إلا مع محرم ومن إباحة ما دون ذلك لها من السفر بغير محرم ومن أن المرأة لا يجب عليها فرض الحج إلا بوجودها المحرم مع وجود سائر السبيل الذي يجب بوجودها فرض الحج قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
(١١٦)