(رهبانية) نصب بفعل يفسره ما بعده، أي ابتدعوا رهبانية (ما كتبناها عليهم) أي ما فرضنا تلك الرهبانية (ثم غدا) أي خرج أبو أمامة غدوة (فقال) أي أنس (باد) أي هلك (وقتوا) بالقاف والتاء المشددة. وفي بعض النسخ فنوا من الفناء ومعناه ظاهر وهو المراد من قتوا. قال في القاموس:
اقتته استأصله (خاوية على عروشها) أي ساقطة على سقوفها، والظاهر أنه صفة ثانية لديار وصفته الأولى هي قوله باد أهلها (فقال أتعرف هذه الديار) الظاهر أن الضمير في قال راجع إلى أنس رضي الله عنه أي قال أنس لأبي أمامة هل تعرف هذه الديار البائدة (فقال) أي أبو أمامة (ما أعرفني بها وبأهلها) أي أي شئ أعرفني بهذه الديار وأهلها الذين كانوا فيها يعني لا أعرفها ولا أهلها فما استفهامية والاستفهام للانكار (هذه ديار قوم الخ) هذا مقول أنس أي قال أنس هذه ديار قوم. فلفظ قال هذه الجملة مقدر هذا هو الظاهر.
ويحتمل أن يكون الضمير في فقال الأول راجعا إلى أبي أمامة، وفي فقال الثاني إلى أنس أي فقال أبو أمامة لأنس هل تعرف هذه الديار فقال أنس: ما أعرفني بها وبأهلها الخ.
وعلى هذا التقدير يكون قوله ما أعرفني بها وبأهلها صيغة التعجب، ويكون حاصل المعنى قال أنس أعرف هذه الديار وأهلها حق المعرفة، وعلى هذا فلا حاجة إلى تقدير لفظ قال قبل قوله هذه ديار قوم. ومن قوله ثم غدا من الغد إلى قوله والفرج بصدق ذلك أو يكذبه يوجد في بعض النسخ ولم يوجد في بعضها وكذا ليس في مختصر المنذري والله أعلم.
ثم ظفرت على كلام للحافظ ابن القيم تكلم به في كتاب الصلاة له على هذا الحديث وهو حسن نافع جدا فأنا أنقله بعينه ههنا قال:
وأما حديث سعيد بن عبد الرحمن بن أبي العمياء ودخول سهل بن أبي أمامة عن أنس بن مالك فإذا هو يصلي صلاة خفيفة كأنها صلاة مسافر فقال: إنها لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا مما تفرد به ابن أبي العمياء وهو شبه المجهول، والأحاديث الصحيحة عن أنس كلها تخالفه فكيف يقول أنس هذا وهو القائل: إن أشبه من رأى صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن عبد العزيز وكان يسبح عشرا عشرا وهو الذي كان يرفع رأسه من الركوع حتى يقال قد نسي وكذلك من بين السجدتين ويقول ما آلوا أن أصلي لكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الذي يبكي على إضاعتهم الصلاة. ويكفي في رد حديث ابن أبي العمياء ما تقدم من الأحاديث الصحيحة الصريحة التي