إثبات الرفع أشهر عند أهل العلم والقول في مثل هذا قول من أثبت. ويمكن الجمع بينهما بأن يحمل الإثبات على أول رؤية والنفي على كل مرة. قال الخطابي: قد اختلف الناس في هذا فكان ممن يرفع يديه إذا رأى البيت سفيان الثوري وابن المبارك وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه فضعف هؤلاء حديث جابر لأن المهاجر راويه عندهم مجهول، وذهبوا إلى حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ترفع الأيدي في سبعة مواطن: افتتاح الصلاة واستقبال البيت وعلى الصفا والمروة والموقفين والجمرتين. وروي عن ابن عمر أنه كان يرفع اليدين عند رؤية البيت. وعن ابن عباس مثل ذلك انتهى. وقال ابن الهمام: أسند البيهقي إلى سعيد بن المسيب قال سمعت من عمر كلمة ما بقي أحد من الناس سمعها غيري سمعته يقول إذا رأى البيت قال اللهم أنت السلام ومنك السلام فحينا بالسلام. وأسند الشافعي عن ابن جريج أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى البيت رفع يديه وقال اللهم زد هذا البيت تشريفا " وتعظيما " وتكريما " ومهابة الحديث انتهى. قال المنذري: وحديث جابر أخرجه الترمذي والنسائي بنحوه، وقال الترمذي: إنما نعرفه من حديث شعبة. وذكر الخطابي أن سفيان الثوري وابن المبارك وأحمد وإسحاق ضعفوا حديث جابر والله أعلم.
(خلف المقام) أي مقام إبراهيم وهذا الحديث طرف من الحديث الذي بعده (أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي توجه من المدينة (إلى الحجر) أي الأسود (فاستلمه) أي باللمس والتقبيل (ثم طاف بالبيت) سبعة أشواط (ثم أتى الصفا) بعد ركعتي الطواف (فعلاه) أي صعده (حيث ينظر إلى البيت) وعند مسلم من حديث جابر: فرقي عليه حتى رأى البيت وأنه فعل في المروة مثل ذلك وهذا في الصفا باعتبار ذلك الزمن وأما الآن فالبيت يرى من باب الصفا قبل رقيه لما حدث من ارتفاع الأرض ثمة حتى اندفن كثير من درج الصفا وقيل بوجوب الرقي مطلقا كذا في المرقاة (فرفع يديه) هذا موضع الترجمة لكن يقال إن هذا الرفع للدعاء على الصفا لا لرؤية