وعرف بهذا أن الطالب فيه التفصيل بخلاف المطلوب، ووجه الفرق أن شدة الخوف في المطلوب ظاهرة لتحقق السبب المقتضي لها، وأما الطالب فلا يخاف استيلاء العدو عليه وإنما يخاف أن يفوته العدو. قال في الفتح: وما نقله ابن المنذر متعقب بكلام الأوزاعي فإنه قيده بشدة الخوف ولم يستثن طالبا من مطلوب وبه قال ابن حبيب من المالكية، وذكر أبو إسحاق الفزاري في كتاب السنن له عن الأوزاعي أنه قال إذا خاف الطالبون إن نزلوا الأرض فوت العدو وصلوا حيث وجهوا على كل حال، والظاهر أن مرجع هذا الخلاف إلى الخوف المذكور في الآية، فمن قيده بالخوف على النفس والمال من العدو فرق بين الطالب والمطلوب، ومن جعله أعم من ذلك لم يفرق بينهما وجوز الصلاة المذكورة للراجل والراكب عند حصول أي خوف قاله في شرح المنتقي. وقال في عمدة القاري: ومذاهب الفقهاء في هذا الباب فعند أبي حنيفة إذا كان الرجل مطلوبا فلا بأس بصلاته سائرا وإن كان طالبا فلا، وقال مالك وجماعة من أصحابه هما سواء كل واحد منهما يصلي على دابته وقال الأوزاعي والشافعي في آخرين كقول أبي حنيفة وهو قول عطاء والحسن والثوري وأحمد وأبي ثور. وعن الشافعي إن خاف الطالب فوت المطلوب أومأ وإلا فلا انتهى (عرنة) بضم العين وفتح الراء والنون واد بحذاء عرفات (فاقتله) أي خالد بن سفيان (أن يكون بيني وبينه) أي خالد (ما) موصولة أي القتال والحرب أو الكيد والمكر (أن أوخر الصلاة) ولفظ أحمد أن يكون بيني وبينه ما يؤخر الصلاة (نحوه) أي نحو عرنة فكان الاستقبال إلى غير القبلة (قال) خالد (إنك تجمع) العساكر (لهذا الرجل) أي لقتله يعني النبي صلى الله عليه وسلم (في ذاك) الأمر. وهذا الكلام ذو المعنيين، ولقد صدق عبد الله بن أنيس فيما عنى به وما أطلع عدو الله خالد على هذه التورية (لفي ذاك) أي في جمع العساكر (فمشيت معه ساعة) لأجل التمكين والقدرة عليه (حتى إذا أمكنني) أي سهل وتيسر لي أمر المخادعة (حتى برد) أي مات.
(٩٢)