يونس فاختلف عليه، قال عنبسة عن يونس عناقا، وقال ابن وهب عن يونس عقالا، ومرة قال ابن وهب عناقا كما قال الجماعة.
واعلم أن هذا الحديث رواه الزهري عن ثلاثة شيوخ: عبيد الله بن عبد الله وسعيد بن المسيب وأنس، فحديث عبيد الله بن عبد الله أخرجه الأئمة الستة في كتبهم غير ابن ماجة وحديث سعيد بن المسيب عند النسائي وحديث أنس عند النسائي أيضا وقال هو خطأ ثم روى عن الزهري ثمانية أنفس شعيب بن أبي حمزة وعقيل ومعمر وعبد الرحمن بن خالد والزبيدي وسفيان بن عيينة وسفيان بن الحسين ويونس وكلهم قالوا عن الزهري عناقا غير يونس فإنه قال مرة عناقا ومرة قال عقالا. وأما عقيل فروى عنه الليث بن سعد وروى عن الليث اثنان يحيى بن بكير وقتيبة بن سعيد فيحيى بن بكير قال عناقا كما قال الجماعة، وقتيبة بن سعيد مرة قال عقالا ومرة قال لو منعوني كذا وكذا. فيعلم عند التعمق أن أكثر الرواة قالوا عناقا أما عقالا فما قال غير يونس في طبقة رواه الزهري، وأما من بعدهم فما قال غير قتيبة، ولذا قال الإمام البخاري في صحيحه قال لي ابن بكير وعبد الله عن الليث عن عقيل عناقا وهو أصح، ورواه الناس عناقا، وعقالا ههنا لا يجوز انتهى. والأمر كما قال البخاري رضي الله عنه.
وقال النووي: هكذا في صحيح مسلم عقالا وكذا في بعض روايات البخاري وفي بعضها عناقا وكلاهما صحيح، وهو محمول على أنه كرر الكلام مرتين فقال في مرة عقالا وفي الأخرى عناقا فروي اللفظان، فأما رواية العناق فهي محمولة على ما إذا كانت الغنم صغارا كلها بأن ماتت أمهاتها في بعض الحول فإذا حال حول الأمهات زكي السخال الصغار بحول الأمهات سواء بقي من الأمهات شئ أم لا. هذا هو الصحيح المشهور. وقال أبو القاسم الأنماطي. لا تزكى الأولاد بحول الأمهات إلى أن يبقى من الأمهات نصاب. وقال بعض الشافعية: إلا أن يبقى من الأمهات شئ، ويتصور ذلك أيضا فيما إذا مات معظم الكبار وحدثت صغار فحال حول الكبار على بقيتها وعلى الصغار انتهى.
وقال الإمام الخطابي: وفي قوله لو منعوني عناقا دليل على وجوب الصدقة في السخال والفصلان والعجاجيل وأن واحدة منها تجزي عن الواجب في الأربعين منها إذا كانت كلها صغارا ولا يكلف صاحبها مسنة. وفيه دليل على أن النتاج حول الأمهات ولو كان يستأنف بها الحول لم يوجد السبيل إلى أخذ العناق انتهى كلامه. كذا في غاية المقصود باختصار.