ليس في تمام حديثهم هذا آخر كلامه. ورواية زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة هي المحفوظة، وعندي في سماع زرارة من عائشة نظر، فإن أبا حاتم الرازي قال قد سمع زرارة من عمران بن حصين ومن أبي هريرة ومن ابن عباس. قلت أيضا: قال هذا ما صح له وظاهر هذا أنه لم يسمع عنده من عائشة انتهى كلام المنذري. قال النووي: قال القاضي في حديث عائشة من رواية سعد بن هشام قيام النبي صلى الله عليه وسلم بتسع ركعات، وحديث عروة عن عائشة بإحدى عشرة منهن الوتر يسلم من كل ركعتين وكان يركع ركعتي الفجر، ومن رواية هشام بن عروة وغيره عن عروة عنها ثلاث عشرة بركعتي الفجر، وعنها كان لا يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة أربعا أربعا وثلاثا، وعنها كان يصلي ثلاث عشرة ثانيا ثم يوتر ثم يصلي ركعتين وهو جالس ثم يصلي ركعتي الفجر، وقد فسرتها في الحديث الآخر منها ركعتا الفجر، هذه روايات مسلم وغيره. وعنها في البخاري أن صلاته بالليل سبع وتسع. وعند الشيخين من حديث ابن عباس أن صلاته صلى الله عليه وسلم من الليل ثلاث عشرة ركعة وركعتين بعد الفجر سنة الصبح، وفي حديث زيد بن خالد أنه صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين خفيفتين ثم طويلتين وذكر الحديث، وقال في آخره فتلك ثلاث عشرة. قال العلماء في هذه الأحاديث إخبار كل واحد من ابن عباس وزيد وعائشة بما شاهد.
وأما الاختلاف في حديث عائشة فقيل هو منها وقيل من الرواة عنها، فيحتمل أن إخبارها بإحدى عشرة هو الأغلب وباقي روايتها إخبار منها بما كان يقع نادرا في بعض الأوقات فأكثره خمس عشرة بركعتي الفجر وأقله سبع، وذلك بحسب ما كان يحصل من اتساع الوقت أو ضيقه بطول قراءة أو لنوم أو عذر مرض وغيره أو في بعض الأوقات عند كبر السن أو تارة تعد الركعتين الخفيفتين في أول قيام الليل وتعد ركعتي الفجر تحذفهما تارة أو تعد أحدهما وقد تكون عدت راتبة العشاء مع ذلك تارة، وحذفتها تارة. قال القاضي: ولا خلاف أنه ليس في ذلك حد لا يزاد عليه ولا ينقص منه، وإن صلاة الليل من الطاعات التي كلما زاد فيها زاد الأجر، وإنما الخلاف في فعل النبي صلى الله عليه وسلم وما اختاره لنفسه انتهى ملخصا.
(أبي سلمة بن عبد الرحمن) تقدم وجه الجمع بين هذه الأحاديث المتقدمة والآتية من