أطلعه عليه. وأما احتجاج أصحابنا لذلك بقوله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة " فليس بجيد لأن حاصله النهي عن التلبس بصلاة غير التي أقيمت من غير تعرض لنية فرض أو نفل. ولو تعينت نية الفريضة لامتنع على معاذ أن يصلي الثانية بقومه لأنها ليست حينئذ فرضا له. وكذلك قول بعض أصحابنا لا يظن بمعاذ أن يترك فضيلة الفرض خلف أفضل الأئمة في المسجد الذي هو من أفضل المساجد فإنه وإن كان فيه نوع ترجيح لكن للمخالف أن يقول إذا كان ذلك بأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يمتنع أن يحصل له الفضل بالاتباع. وكذلك قول الخطابي إن العشاء في قوله كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم العشاء حقيقة في المفروضة فلا يقال كان ينوي بها التطوع لأن لمخالفه أن يقول هذا لا ينافي أن ينوي بها التنفل.
وأما قول ابن حزم إن المخالفين لا يجيزون لمن عليه فرض إذا أقيم أن يصليه متطوعا فكيف ينسبون إلى معاذ ما لا يجوز عندهم فهذا إن كان كما قال نقص قوى، وأسلم الأجوبة التمسك بالزيادة المتقدمة كذا في فتح الباري. قال المنذري: وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي بنحوه (عن حزم بن أبي بن كعب أنه أتى معاذ بن جبل) قال الحافظ: ابن جابر لم يدرك حزما.
و روى أبو داود الطيالسي في مسنده والبزار من طريقه عن طالب بن حبيب عن عبد الرحمن بن جابر عن أبيه قال: " مر حزم بن أبي بن كعب بمعاذ بن جبل وهو يصلي بقومه صلاة العتمة فافتتح بسورة طويلة ومع حزم ناضح له " الحديث. قال البزار لا نعلم أحدا سماه عن جابر إلا ابن جابر انتهى و رواه ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر فسماه حازما وكأنه صحفه أخرجه ابن شاهين من طريقه و رواه أحمد والنسائي وأبو يعلى وابن السكن بإسناد صحيح عن عبد العزيز ابن صهيب عن أنس قال " كان معاذ يؤم قومه فدخل حرام وهو يريد أن يسقي نخله " الحديث كذا فيه براء بعدها ألف وظن بعضهم أنه حرام بن ملحان خال أنس وبذلك جزم الخطيب في المبهمات لكن لم أره منسوبا في الرواية. ويحتمل أن يكون تصحيف من حزم فتجتمع هذه الروايات انتهى (وهو يصلي بقوم صلاة المغرب) كذا في هذه الرواية بلفظ " صلاة المغرب " وفي معظم الروايات بلفظ " العشاء " قال الحافظ فإن حمل على تعدد القصة كما سيأتي أو على أن المراد بالمغرب العشاء مجازا وإلا فما في الصحيح أصح انتهى (في هذا الخبر) المذكور