إسحاق فذكر في روايته موضع الأذان وهو بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم على باب المسجد. وحديث ابن عمر أخرجه الحاكم في المستدرك " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج يوم الجمعة فقعد على المنبر أذن بلال " وفي إسناده مصعب بن سلام ضعفه أبو داود كذا في التلخيص وحديث سعيد بن حاطب أخرجه ابن مندة من طريق الحسن بن صالح الأترجي عن أبيه عن سعيد بن حاطب قال " كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج يجلس على المنبر يوم الجمعة ثم يؤذن المؤذن فإذا فرغ قام يخطب " كذا في الإصابة وهكذا في أسد الغابة، فليس في الباب أي تعيين مكان أذان الجمعة غير حديث محمد بن إسحاق ومحمد بن إسحاق بن يسار هذا ثقة حجة ولم يثبت فيه جرح وما نقم عليه إلا التدليس، وفي هذه الرواية قد عنعن لكن ثبت سماع محمد بن إسحاق عن الزهري في حديث أذان الجمعة كما أخرج أحمد في مسنده حدثنا يعقوب حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال حدثني محمد بن مسلم بن عبيد الله الزهري عن السائب بن يزيد ابن أخت نمر قال " لم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مؤذن واحد في الصلوات كلها في الجمعة وغيرها يؤذن ويقيم قال كان بلال يؤذن إذا جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر يوم الجمعة ويقيم إذا نزل ولأبي بكر وعمر حتى كان عثمان " انتهى وقال الحافظ ابن عبد البر في التمهيد شرح الموطأ بعد سرد الروايات:
وقال ابن إسحاق في هذا الحديث عن الزهري عن السائب بن يزيد قال " كان يؤذن بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس على المنبر يوم الجمعة على باب المسجد وأبي بكر وعمر " ذكره أبو داود حدثنا النفيلي عن محمد بن سلمة عن ابن إسحاق ثم ساق حديث يونس الذي تقدم وفي حديث ابن إسحاق هذا مع حديث مالك ويونس ما يدل على أن الأذان كان بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن الأذان الثاني عند باب المسجد والثالث أحدثه عثمان على الزوراء انتهى كلامه. فهذا ابن عبد البر قد قيد الأذان الذي يكون بين يدي الإمام أن يكون عند باب المسجد وهذا هو الصحيح، ولم يثبت حرف واحد في الأذان مستقبل الإمام محاذيا به عند المنبر كما هو المتعارف الآن.
فإن قلت من أذن في الباب كيف يكون بين يدي الإمام ومستقبله قلت: قد عرفت أن بين يدي بمعنى أمام وهو يتناول جميع ما يقابل وجهه إلى انقطاع الأرض، فإذا أذن الرجل في باب المسجد صار أمام الخطيب ومستقبله لأن باب المسجد يكون غالبا مستقبل المنبر وهكذا حال المساجد من خير القرون إلى يومنا هذا. أخرج ابن شيبة في المصنف حدثنا عبد الصمد عن المستمر بن الريان قال " رأيت أنسا عند الباب الأول يوم الجمعة قد استقبل المنبر " هذا ملخص من غاية المقصود والمطالب الرفيعة والله أعلم.