المنبر ولا يبعد المؤذن عن المنبر بحيث يكون على المنارة أو المأذنة أو على باب المسجد أو على السطح ويكون المؤذن قريبا من الخطيب عند المنبر جرى التوارث. وأنت خبير أن الفقيه الإمام برهان الدين مؤلف الهداية من الأئمة الكبار لكن لا يقبل منه دعوى التوارث على ذلك إلا بنقل صريح صحيح إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يثبت قط فيما أعلم، بل تبطل دعوى التوارث ما نقله ابن عبد البر عن مالك الإمام كما تقدم. وما وقع في تفسير جويبر عن الضحاك عن برد بن سنان عن مكحول عن معاذ أن عمر أمر مؤذنين أن يؤذنا للناس الجمعة خارجا من المسجد حتى يسمع الناس وأمر أن يؤذن بين يديه كما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ثم قال عمر نحن ابتدعناه لكثرة المسلمين فضعيف جدا قال الحافظ وهذا الأثر منقطع بين مكحول ومعاذ ولا يثبت لأن معاذا كان خرج من المدينة إلى الشام في أول ما غزوا الشام واستمر إلى أن مات بالشام في طاعون عمواس، وقد تواردت الروايات أن عثمان هو الذي زاده فهو المعتمد انتهى. وجويبر بن سعيد المفسر صاحب الضحاك متروك الحديث قاله النسائي والدارقطني وغيرهما. وقال ابن معين ليس بشئ، وقال الجوزجاني لا يشتغل به. وضحاك بن مزاحم ضعفه يحيى بن سعيد ووثقه الأكثرون.
واعلم أن أذان يوم الجمعة الذي ذكره الله تعالى هو الأذان حين صعود الإمام على المنبر لما أخرج إسحاق بن راهويه في مسنده من حديث السائب " كان النداء الذي ذكره الله في القرآن يوم الجمعة إذا جلس الإمام على المنبر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وحتى خلافة عثمان فلما كثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء " وعند ابن خزيمة في صحيحه من رواية أبي عامر عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن السائب " كان ابتداء النداء الذي ذكره الله تعالى في القرآن يوم الجمعة " وكذا أخرجه عبد بن حميد كما في الدر المنثور.
وحديث أذان الجمعة مروي من حديث السائب ابن يزيد وابن عمر وسعيد بن حاطب.
أما حديث السائب فأخرجه الأئمة الستة إلا مسلما، وأيضا أخرجه أحمد وإسحاق بن راهويه في مسندهما وابن خزيمة في صحيحه والبيهقي في السنن والمعرفة والطبراني وابن الجارود في المنتقى، ويدور إسناد حديث السائب على ابن شهاب الزهري، وروى عن الزهري سبعة أنفس ابن أبي ذئب وعبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون وعقيل بن خالد ويونس بن يزيد وصالح وسليمان التيمي ومحمد بن إسحاق لكن هؤلاء السبعة غير محمد بن إسحاق، ما ذكروا في روايته موضع الأذان، وما قالوا لفظ بين يديه ولا غيره من الألفاظ المخبر لتعين المكان. نعم ذكروا وقت الأذان وهو حين جلوس الإمام على المنبر، وأما محمد بن