على اللغة ما لم يكن هناك حقيقة شرعية أو عرفية، ولا يجوز حمله على ما يطرأ للمتأخرين من الاصطلاح. انتهى كلامه.
وقال الشوكاني في النيل: والذي يلوح لي أنه لا معارضة بين أحاديث البناء على الأقل والبناء على اليقين وتحري الصواب، وذلك لأن التحري في اللغة كما عرفت هو طلب ما هو أحرى إلى الصواب وقد أمر به صلى الله عليه وسلم وأمر بالبناء على اليقين والبناء على الأقل عند عروض الشك، فإن أمكن الخروج بالتحري عن أثرة الشك ولا يكون إلا بالاستيقان بأنه قد فعل من الصلاة كذا ركعات فلا شك أنه مقدم على البناء على الأقل لأن الشارع قد شرط في جواز البناء على الأقل عدم الدراية. كما في حديث عبد الرحمن بن عوف، وهذا المتحري قد حصلت له الدراية. وأمر الشاك بالبناء على اليقين كما في حديث أبي سعيد، ومن بلغ به تحريه إلى اليقين قد بنى على ما استيقن. وبهذا تعلم أنه لا معارضة بين الأحاديث المذكورة وأن التحري المذكور مقدم على البناء على الأقل انتهى كلامه. قلت: وما قاله الشوكاني حسن جدا والله أعلم.
(عن أبي عبيدة بن عبد الله عن أبيه) لم يسمع أبو عبيدة من أبيه قاله الحافظ في التهذيب والراجح أنه لا يصح سماعه من أبيه. وفي الخلاصة قال عمرو بن مرة سألته هل تذكر عن عبد الله شيئا؟ قال لا قلت: وقد ثبت في غير موضع من السنن للترمذي أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه (رواه عبد الواحد عن خصيف ولم يرفعه) والحاصل أن محمد بن سلمة تفرد برفع هذا الحديث، وأما عبد الواحد وسفيان وإسرائيل وشريك فهؤلاء لم يرفعوه، وكذا قال الدارقطني في سننه. وقال البيهقي في المعرفة: وروى خصيف عن أبي عبيدة بن عبد الله عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الحديث مختلف في رفعه ومتنه، وخصيف غير قوي وأبو عبيدة عن أبيه مرسل انتهى. وفي خصيف بن عبد الرحمن الجزري أبو عون صدوق سئ الحفظ خلط بآخره ورمي بالإرجاء. وفي الخلاصة ضعفه أحمد ووثقه ابن معين وأبو زرعة انتهى. فالحديث مع كونه غير متصل الإسناد ضعيف أيضا، فالاحتجاج بهذا الحديث لمن يقول يتم على أكبر ظنه غير