مبنية على الشفع فإن دخل عليه ما يوترها من زيادة وجب إصلاح ذلك بما يشفعها (وإن كانت رابعة فالسجدتان ترغيم) أي إغاظة وإذلال (للشيطان) قال النووي: هو مأخوذ من الرغام وهو التراب ومنه أرغم الله أنفه والمعنى أن الشيطان لبس عليه صلاته وتعرض لإفسادها ونقضها، فجعل الله تعالى للمصلي طريقا إلى جبر صلاته وتدارك ما لبسه عليه وإرغام الشيطان ورده خاسئا مبعدا عن مراده وكملت صلاة ابن آدم وامتثل أمر الله تعالى الذي عصى به إبليس من امتناعه من السجود. انتهى.
قال الإمام الخطابي رحمه الله تعالى: قد روى أبو داود في أبواب السهو عدة أحاديث في أكثر أسانيدها مقال والصحيح منها والمعتمد عند أهل العلم هذه الأحاديث الخمسة التي ذكرناها وهي حديث عبد الله بن مسعود من طريق منصور، وحديث أبي سعيد الخدري وحديث عطاء مرسلا، وحديث أبي هريرة من طريق الزهري عن أبي سلمة، وحديث عبد الله بن بحينة. فأما حديث أبي هريرة مجمل ليس فيها بيان ما يصنعه من شئ سوى ذلك ولا فيه بيان موضع السجدتين من الصلاة وحاصل الأمر على حديث ابن مسعود. فأما حديث ابن مسعود وهو أنه يتحرى في صلاته ويسجد سجدتين بعد السلام فهو مذهب أصحاب الرأي.
ومعنى التحري عندهم غالب الظن وأكبر الرأي كأنه شك في الرابعة من الظهر هل صلاها أم لا، فإن كان أكثر رأيه أنه لم يصلها أضاف إليها أخرى ويسجد سجدتين بعد السلام، وإن كان أكبر رأيه في الرابعة أنه صلاها أتمها ولم يضف إليها ركعة وسجد سجدتي السهو بعد السلام هذا إذا كان الشك يعتريه في الصلاة مرة بعد أخرى، فإن كان ذلك أول ما سها فعليه أن يستأنف الصلاة عندهم.
وأما حديث ابن بحينة وذي اليدين فإن مالكا اعتبرهما جميعا وبنى مذهبه عليهما في الوهم إذا وقع في الصلاة، فإن كان من زيادة زادها في صلب الصلاة سجد سجدتين بعد السلام لأن في خبر ذي اليدين أن النبي صلى الله عليه وسلم سلم عن ثنتين وهو زيادة في الصلاة، وإن كان من نقصان سجدهما قبل السلام لأن في حديث ابن بحينة أن النبي صلى الله عليه وسلم قام عن ثنتين ولم يتشهد وهذا نقصان في الصلاة. وذهب أحمد بن حنبل إلى أن كل حديث منها تتأمل صفته ويستعمل في موضعه ولا يحمل على الخلاف، وكان يقول ترك الشك على وجهين أحدهما إلى اليقين، والآخر إلى التحري. فمن رجع إلى اليقين فهو أن يلقي الشك ويسجد سجدتي السهو قبل السلام على حديث أبي سعيد الخدري، وإذا رجع إلى التحري وهو أكثر للوهم سجد سجدتي السهو بعد السلام على حديث عبد الله بن مسعود. فأما مذهب الشافعي فعلى الجمع بين