" صل ما أدركت واقض ما سبقك " انتهى. وكما في مصنف ابن أبي شيبة عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: لا أجده على حالة إلا كنت عليها وقضيت ما سبقني فوجده قد سبقه - يعني النبي صلى الله عليه و سلم - ببعض الصلاة أو قال ببعض ركعة، فوافقه فيما هو فيه، وأتى بركعة بعد السلام فقال صلى الله عليه و سلم: " إن معاذا قد سن لكم فهكذا فاصنعوا " أو يكون مدركا للركعة وإن لم يمكنه قراءة الفاتحة بمقتضى ما أخرجه ابن خزيمة في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: " من أدرك ركعة مع الإمام قبل أن يقيم صلبه فقد أدركها " وترجم له ابن خزيمة باب ذكر الوقت الذي يكون فيه المأموم مدركا للركعة، ولما أخرجه الدارقطني: " من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة " وإن كان الحافظ ابن حجر في فتح الباري قال: طرقه كلها ضعاف عند جميع الحفاظ، وقال ابن تيمية: روي مسندا من طرق كلها ضعاف، والصحيح أنه مرسل، وقد قواه ابن الهمام في فتح القدير بكثرة طرقه، وذكر الفقيه صالح المقبلي في الأبحاث المسددة بحثا زاد السائل ترددا، فافضلوا بما يطمئن به الخاطر، جزاكم الله خيرا عن المسلمين أفضل الجزاء.
الجواب لبقية الحفاظ القاضي العلامة محمد بن علي الشوكاني رحمه الله تعالى بقوله:
قد تقرر بالأدلة الصحيحة أن الفاتحة واجبة في كل ركعة على كل مصل إمام ومأموم ومنفرد، أما الإمام والمنفرد فظاهر، وأما المأموم فلما صح من طرق من نهية عن القراءة خلف الإمام إلا بفاتحة الكتاب، وأنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها، ولما ورد في حديث المسئ صلاته من قوله صلى الله عليه و سلم: ثم كذلك في كل ركعاتك فافعل بعد أن علمه القراءة لفاتحة الكتاب.
والحاصل أن الأدلة المصرحة بأن لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب وإن كان ظاهرها أنها تكفي المرة الواحدة في جملة الصلاة فقد دلت الأدلة على وجوبها في كل ركعة دلالة واضحة ظاهرة بينة. إذا تقرر لك هذا فاعلم أنه قد ثبت أن من أدرك الإمام على حالة فليصنع كما يصنع الإمام، فمن وصل والإمام في آخر القيام فليدخل معه فإذا ركع بعد تكبير المؤتم فقد ورد الأمر بمتابعة له بقوله: وإذا ركع فاركعوا، كما في حديث " إنما جعل الإمام ليأتم به " وهو حديث صحيح، فلو توقف المؤتم عن الركوع بعد ركوع الإمام وأخذ يقرأ فاتحة الكتاب لكان مخالفا لهذا الأمر، فقد تقرر أنه يدخل مع الإمام وتقرر أنه يتابعه ويركع بركوعه ثم ثبت بحديث " من أدرك مع الإمام ركعة قبل أن يقيم صلبه فقد أدركها " أن هذا الداخل مع الإمام الذي لم يتمكن من قراءة الفاتحة قد أدرك الركعة بمجرد إدراكه له راكعا. فعرفت بهذا أن مثل هذه الحالة مخصصة من عموم إيجاب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه لا وجه لما قيل أنه يقرأ بفاتحة الكتاب ويلحق الإمام راكعا، وأن المراد الإدارك الكامل وهو لا يكون إلا مع إدراك الفاتحة،