وأنت خبير بأن المشي على الحقيقة هو المتحتم، ولا شك أن الجبهة والأنف حقيقة في المجموع وبحديث أبي سعيد الخدري الذي يأتي في باب السجود على الأنف والجبهة.
واحتج الجمهور برواية البخاري: " أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يسجد على سبعة أعضاء ولا يكف شعرا ولا ثوبا الجبهة واليدين والركبتين والرجلين " وتمسك الإمام أبو حنيفة برواية البخاري المذكورة بلفظ: " أمرت أن أسجد على سبعة أعظم، على الجبهة، وأشار بيده على أنفه " الحديث، لأنه ذكر الجبهة وأشار إلى الأنف فدل على أنه المراد. والأقرب إلى الصواب ما ذهب إليه الأولون، والله تعالى أعلم (وقدماه) أي أطراف قدميه. قال المنذري: وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة. انتهى.
واعلم أن حديث العباس هذا عزاه جماعه إلى مسلم، منهم أصحاب الأطراف والحميدي في الجمع بين الصحيحين والبيهقي في سننه وابن الجوزي في جامع المسانيد وفي التحقيق، ولم يذكره عبد الحق في الجمع بين الصحيحين، ولم يذكر القاضي عياض لفظة الآراب في مشارق الأنوار الذي وضعه على ألفاظ البخاري ومسلم والموطأ، وأنكره في شرح مسلم فقال قال المازري قوله عليه السلام سجد معه سبعة آراب. قال الهروي: الآراب الأعضاء واحدها إرب. قال القاضي عياض وهذا اللفظ لم يقع عند شيوخنا في مسلم ولا هي في النسخ التي رأينا، والتي في كتاب مسلم سبعة أعظم. انتهى. قال الزيلعي: والذي يظهر والله أعلم أن أحدهم سبق بالوهم فتبعه الباقون وهو محل اشتباه.
(إن اليدين تسجدان) المراد باليدين الكفان لئلا يدخل تحت المنهي عنه من افتراش السبع والكلب. قال المنذري: وأخرجه النسائي.