نحو ذلك، فكل هذا منهي عنه باتفاق العلماء وهو كراهة تنزيه، فلو صلى كذلك فقد أساء وصحت صلاته. ثم مذهب الجمهور أن النهي مطلقا لمن صلى كذلك سواء تعمده للصلاة أم كان كذلك، لا لها بل لمعنى آخر وهو المختار الصحيح وهو الظاهر المنقول عن الصحابة وغيرهم. انتهى ملخصا.
(أمر نبيكم أن يسجد على سبعة آراب) بالمد جمع إرب بكسر أوله وإسكان ثانية وهو العضو. قال المنذري: وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة. انتهى. قال الزيلعي: وأخطأ المنذري إذ عزا في مختصره هذا الحديث للبخاري ومسلم وليس فيهما لفظ الآراب أصلا.
(وجهه) بالرفع بيان لسبعة آراب، والمراد بالوجه ههنا الجبهة والأنف كما في رواية عند مسلم عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أمرت أن أسجد على سبع ولا أكفت الشعر ولا الثياب الجبهة والأنف واليدين " الحديث وفي رواية للبخاري " أمرت أن أسجد على سبعة أعظم على الجبهة، وأشار بيده على أنفه " الحديث. قال الحافظ: كأنه ضمن أشار معنى أمر بتشديد الراء، فلذلك عداه بعلى دون إلى، ووقع في العمدة بلفظ إلى، وهي في بعض النسخ من رواية كريمة، وعند النسائي من طريق سفيان بن عيينة عن ابن طاوس فذكر هذا الحديث وقال في آخره قال ابن طاوس " ووضع يده على جبهته وأمرها على أنفه وقال هذا واحد " فهذه رواية مفسرة. انتهى.
واعلم أنه ذهب الأوزاعي وأحمد وإسحاق وغيرهم إلى وجوب السجود على الجبهة والأنف جميعا وهو قول للشافعي، وذهب الجمهور إلى أنه يجب السجود على الجبهة دون الأنف، قال الإمام أبو حنيفة: إنه يجزئ السجود على الأنف وحده. وقد نقل ابن المنذر إجماع الصحابة على أنه لا يجزى ء السجود على الأنف وحده. واستدل الطائفة الأولى برواية مسلم المذكور عن ابن عباس ولأنه جعلهما كعضو واحد، ولو كان كل واحد منهما عضوا مستقلا للزم أن تكون الأعضاء ثمانية وتعقب بأنه يلزم منه أن يكتفي بالسجود على الأنف وحده والجبهة وحدها، لأن كل واحد منهما بعض العضو، وهو يكفي كما في غيره من الأعضاء.