أن يقيم الإمام صلبه لا معنى له ولا وجه لزيادته. ثم أخرج البخاري أحاديث هؤلاء الرواة الثمانية، وكذا حديث عراك بن مالك. ثم قال البخاري: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة " ولم يقل من أدرك الركوع أو السجود أو التشهد.
ومما يدل عليه قول ابن عباس: " فرض الله على لسان نبيكم صلاة الخوف ركعة " وقال ابن عباس: " صلى النبي صلى الله عليه وسلم في الخوف بهؤلاء ركعة، وبهؤلاء ركعة، فالذي يدرك الركوع والسجود من صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج، ولم يخص صلاة دون صلاة ".
والذي يعتمد على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أن لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب، وما فسر أبو هريرة وأبو سعيد: " لا يركعن أحدكم حتى يقرأ فاتحة الكتاب ". انتهى كلامه ملخصا محررا ملتقطا من مواضع شتى من كتابه.
وفي كنز العمال أخرج البيهقي في كتاب القراءة عن عبادة بن الصامت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب خلف الإمام " قال البيهقي: إسناده صحيح والزيادة التي فيها صحيحة مشهورة من أوجه كثيرة. انتهى كلامه.
فهذا محمد بن إسماعيل البخاري أحد المجتهدين وواحد من أركان الدين قد ذهب إلى أن مدركا للركوع لا يكون مدركا للركعة حتى يقرأ فاتحة الكتاب، فمن دخل مع الإمام في الركوع فله أن يقضي تلك الركعة بعد سلام الإمام بل حكى البخاري هذا المذهب عن كل من ذهب إلى وجوب القراءة خلف الإمام. وقال الحافظ في الفتح تحت حديث أبي هريرة: " فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا " واستدل به على أن من أدرك الإمام راكعا لم تحسب له تلك الركعة للأمر بإتمام ما فاته لأنه فاته الوقوف والقراءة فيه، وهو قول أبي هريرة، بل حكاه البخاري في القراءة خلف الإمام عن كل من ذهب إلى وجوب القراءة خلف الإمام، واختاره ابن خزيمة والضبعي وغيرهما من محدثي الشافعية، وقواه الشيخ تقي الدين السبكي من المتأخرين انتهى.
قال العراقي في شرح الترمذي بعد أن حكى عن شيخه السبكي أنه كان يختار أنه لا يعتد بالركعة من لا يدرك الفاتحة ما لفظه: وهو الذي يختاره، وقال ابن حزم في المحلى: لابد في الاعتداد بالركعة من إدراك القيام والقراءة بحديث: " ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا " ولا فرق بين فوت الركعة والركن والذكر المفروض، لأن الكل فرض لا تتم الصلاة إلا به. قال فهو مأمور بقضاء ما سبقه الإمام وإتمامه فلا يجوز تخصيص شئ من ذلك بغير نص آخر ولا سبيل