فلذلك قال لمن عنده قوموا وأول الكلام يقتضي أن أم سليم وأبا طلحة أرسلا الخبز مع أنس فيجمع بأنهما أرادا بإرسال الخبز مع أنس أن يأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فيأكله فلما وصل أنس ورأى كثرة الناس حول النبي صلى الله عليه وسلم استحيي وظهر له أن يدعو النبي صلى الله عليه وسلم ليقوم معه وحده إلى المنزل فيحصل مقصودهم من إطعامه ويحتمل أن يكون ذلك عن رأي من أرسله عهد إليه إذا رأى كثرة الناس أن يستدعي النبي صلى الله عليه وسلم وحده خشية أن لا يكفيهم ذلك الشئ هو ومن معه وقد عرفوا إيثار النبي صلى الله عليه وسلم وأنه لا يأكل وحده وقد وجدت أن أكثر الروايات تقتضي أن أبا طلحة استدعى النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الواقعة ففي رواية سعد بن سعيد عن أنس بعثني أبو طلحة إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأدعوه وقد جعل له طعاما وفي رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أنس أمر أبو طلحة أم سليم أن تصنع للنبي صلى الله عليه وسلم لنفسه خاصة ثم أرسلتني إليه وفي رواية يعقوب بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس فدخل أبو طلحة على أمي فقال هل من شئ فقالت نعم عندي كسر من خبز فإن جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده أشبعناه وإن جاء أحد معه قل عنهم وجميع ذلك عند مسلم وذكر الحافظ تلك الروايات (فانطلقوا) وفي رواية محمد بن كعب فقال للقوم انطلقوا فانطلقوا وهم ثمانون رجلا (فأخبرته) أي بمجيئهم (وليس عندنا ما نطعمهم) أي قدر ما يكفيهم (قالت أم سليم ورسوله أعلم) أي بقدر الطعام فهو أعلم بالمصلحة ولو لم يكن يعلم بالمصلحة لم يفعل ذلك قال الحافظ كأنها عرفت أنه فعل ذلك عمدا ليظهر الكرامة في تكثير ذلك الطعام ودل ذلك على فطنة أم سليم ورجحان عقلها وفي رواية يعقوب فقال أبو طلحة يا رسول الله إنما أرسلت أنسا يدعوك وحدك ولم يكن عندنا ما يشبع من أرى فقال ادخل فإن الله سيبارك فيما عندك (حتى دخلا) أي النبي صلى الله عليه وسلم وأبو طلحة على أم سليم (هلمي يا أم سليم ما عندك) أي هات ما عندك (ففت) بصيغة المجهول من الفت وهو الدق والكسر بالأصابع أي كسر الخبز وفي بعض النسخ ففتت فالضمير للأقراص (وعصرت أم سليم بعكة) بضم المهملة وتشديد الكاف إناء من جلد مستدير يجعل فيه السمن غالبا والعسل (فأدمته) أي صيرت ما خرج من العكة إداما للمفتوت وفي رواية مبارك بن فضالة فقال هل من سمن فقال أبو طلحة قد كان في العكة سمن فجاء بها فجعلا يعصرانها حتى
(٧٤)