حديث أبي سعيد وغيره إنتهى قوله (وقال بعض أهل العلم إذا شك في صلاته فلم يدر كم صلى فليعد) واستدلوا على ذلك بما أخرجه الطبراني في الكبير عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن رجل سها في صلاته فلم يدر كم صلى فقال ليعد صلاته وليسجد سجدتين قاعدا وهو من رواية إسحاق بن يحيى بن عبادة بن الصامت قال العراقي لم يسمع إسحاق من جده عبادة إنتهى فلا ينتهض لمعارضة الأحاديث الصحيحة المصرحة بوجوب البناء على الأقل واحتجوا أيضا بما أخرجه الطبراني عن ميمونة بنت سعد أنها قالت أفتنا يا رسول الله في رجل سها في صلاته فلا يدري كم صلى قال ينصرف ثم يقوم في صلاته حتى يعلم كم صلى فإنما ذلك الوسواس يعرض فيسهيه عن صلاته وفي إسناده عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي الجزري مختلف فيه وهو كبقية في الشاميين يروى عن المجاهيل وفي إسناده أيضا عبد الحميد بن يزيد وهو مجهول كما في العراقي كذا في النيل ومذهب الحنفية في هذا الباب أنه إن شك أول مرة أنه كم صلى استأنف وإن كثر تحرى وأخذ ما غلب على ظنه وإن لم يغلب الأقل ووجه الاختلاف في هذه المسألة أنه ورد في هذا الباب أحاديث مختلفة فبعضها يدل على أن من شك ولم يدر أنه كم صلى فإنه يبني على ما استيقن وفي بعضها يبني على الأقل وبعضها يدل على أنه يتحرى الصواب وبعضها يدل على أنه يعيد الصلاة فالحنفية حملوا ما يدل على الإعادة على من عرض له الشك أول مرة وما يدل على أنه يتحرى الصواب على ما إذا كثر الشك وما يدل على أنه يبني على الأقل على ما لم يتبين له شئ بعد التحري ومن قال با عادة أخذ بالأحاديث التي تدل على الإعادة وقد عرفت أنها لا تصلح للاحتجاج لضعفها والجمهور أخذوا بالأحاديث التي تدل على البناء على ما استيقن وحملوا التحري في حديث ابن مسعود على الأخذ باليقين كما مر في كلام النووي وأقوى المذاهب هو مذهب الجمهور قال الشوكاني في النيل والذي يلوح لي أنه لا معارضة بين أحاديث البناء على الأقل والبناء على اليقين وتحري الصواب وذلك لأن التحري في اللغة هو طلب ما هو أحرى إلى الصواب وقد أمر به صلى الله عليه وسلم وأمر بالبناء على اليقين والبناء على الأقل عند عروض الشك فإن أمكن الخروج بالتحري عن نائرة الشك لغة ولا يكون إلا بالاستيقان بأنه قد فعل من الصلاة كذا ركعات فلا شك أنه مقدم على البناء على الأقل لأن
(٣٤٧)