للصلاة أو مكان يسلم فيه المصلى عن التوجه إلى القبور فإنه في ندحة من الأمر وكذلك إذا صلى في موضع قد اشتهر بأن فيه مدفن بنى لم ير للقبر فيه علما ولم يكن تهده ما ذكرناه من العمل الملتبس بالشرك الخفي وفي شرح الشيخ مثله حيث قال وخرج بذلك اتخاذ مسجد بجوار نبي أو صالح والصلاة عند قبره لا لتعظيمه والتوجه نحوه بل لحصول مدد منه حتى يكمل عبادته ببركة مجاورته لتلك الروح الطاهرة فلا حرج في ذلك لما ورد أن قبر إسماعيل عليه السلام في الحجر تحت الميزاب وأن في الحطم بين الحجر الأسود وزمزم قبر سبعين نبيا ولم ينه أحد عن الصلاة فيه انتهى وكلام الشارحين مطابق في ذلك انتهى ما في اللمعات قلت ذكر صاحب الدين الخالص عبارة اللمعات هذه كلها ثم قال ردا عليها ما لفظه ما أبرد هذه التحرير والاستدلال عليه بذلك التقرير لأن كون قبر إسماعيل عليه السلام وغيره من الأنبياء سواء كانوا سبعين أو أقل أو أكثر ليس من فعل هذه الأمة المحمدية ولا هو وهم دفنوا الغرض هناك ولا نبه على ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا علامات لقبورهم منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا تحري نبينا عليه الصلاة والسلام قبرا من تلك القبور على قصد المجاورة بهذه الأرواح المباركة ولا أمر به أحدا ولا تلبس بذلك أحد من سلف هذه الأمة وأئمتها بل الذي أرشدنا إليه وحثنا عليه أن لا نتخذ قبور الأنبياء مساجد كما اتخذت اليهود والنصارى وقد لعنهم على هذا الاتخاذ فالحديث برهان قاطع لمواد النزاع وحجة نيرة على كون هذه الأفعال جالبة للعن واللعن أمارة الكبيرة المحرمة أشد التحريم فمن اتخذ مسجدا بجوار نبي أو صالح رجاء بركته في العبادة ومجاورة روح ذلك الميت فقد شمله الحديث شمولا واضحا كشمس النهار ومن توجه إليه واستمد منه فلا شك أنه أشرك بالله وخالف أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الحديث وما ورد في معناه ولم يشرع الزيارة في ملة الاسلام إلا للعبرة والزهد في الدنيا والدعاء بالمغفرة للموتى وأما هذه الأغراض التي ذكرها بعض من يعزى إلى الفقه والرأي والقياس فإنها ليست عليها أثارة من علم ولم يقل بها فيما علمت أحد من السلف بل السلف أكثر الناس إنكارا على مثل هذه البدع الشركية انتهى قوله (وفي الباب عن أبي هريرة وعائشة) أما حديث أبي هريرة فأخرجه الشيخان عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد وفي رواية لمسلم لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد وأما حديث عائشة فأخرجه الشيخان أيضا بلفظ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مرضه الذي لم يقم منه لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا
(٢٢٧)