رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفتل عن يمينه وعن يساره في الصلاة وأما حديث أبي هريرة فلم أقف على من أخرجه قوله (حديث هلب حديث حسن) وصححه ابن عبد البر في الاستيعاب وذكره عبد الباقي بن قانع في معجمه من طرق متعددة وفي إسناده قبيصة بن هلب وقد رماه بعضهم بالجهالة ولكنه وثقه العجلي وابن حبان ومن عرفه حجة على من لم يعرف كذا في النيل والحديث أخرجه أبو داود وابن ماجة قوله (وقد صح الأمران عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) ففي حديث عبد الله بن مسعود المذكور لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا ينصرف عن يساره وفي حديث أنس المذكور أكثر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصرف عن يمينه فإن قلت قد استعمل كل واحد منهما صيغة أفعل التفضيل فظاهر قول أحدهما ينافي ظاهر قول الاخر فما وجه التوفيق قلت قال النووي يجمع بينهما بأنه صلى الله عليه وسلم كان يفعل تارة هذا وتارة هذا فأخبر كل منهما بما اعتقد أنه الأكثر وقال الحافظ ويمكن الجمع بينهما بوجه آخر وهو أن يحمل حديث ابن مسعود على حالة الصلاة في المسجد لأن حجرة النبي صلى الله عليه وسلم كانت من جهة يساره ويحمل حديث أنس على ما سوى ذلك كحال السفر ثم إذا تعارض اعتقاد ابن مسعود وأنس رجح ابن مسعود لأنه أعلم وأسن وأجل وأكثر ملازمة للنبي صلى الله عليه وسلم وأقرب إلى مواقفه في الصلاة من أنس وبأن في إسناد أنس من تكلم فيه وهو السدى وبأن حديث ابن مسعود متفق عليه وبأن رواية ابن مسعود توافق ظاهر الحال لأن حجرة النبي صلى الله عليه وسلم كان على جهة يساره انتهى كلام الحافظ قلت الظاهر عندي هو الجمع الأول والله تعالى أعلم قوله (ويروى عن علي بن أبي طالب أنه قال إن كانت حاجته عن يمينه أخذ عن يمينه
(١٧٥)