تعالى له بذلك على طريق التنزل مع الخصم وفرض الامر على ما زعم الخصم ولهذه النكتة حذف القسم الأول وهو التصريح بظهور غيره عليه لكن وقع التصريح به في رواية بن إسحاق ولفظه فان أصابوني كان الذي أرادوا ولابن عائذ ومن وجه آخر عن الزهري فإن ظهر الناس علي فذلك الذي يبتغون فالظاهر أن الحذف وقع من بعض الرواة تأدبا (قوله حتى تنفرد سالفتي) السالفة بالمهملة وكسر اللام بعدها فاء صفحة العنق وكنى بذلك عن القتل لان القتيل تنفرد مقدمة عنقه وقال الداودي المراد الموت أي حتى أموت وأبقى منفردا في قبري ويحتمل أن يكون أراد أنه يقاتل حتى ينفرد وحده في مقاتلتهم وقال بن المنير لعله صلى الله عليه وسلم نبه بالأدنى على الاعلى أي أن لي من القوة بالله والحول به ما يقتضي أن أقاتل عن دينه لو انفردت فكيف لا أقاتل عن دينه مع وجود المسلمين وكثرتهم ونفاذ بصائرهم في نصر دين الله تعالى (قوله ولينفذن) بضم أوله وكسر الفاء أي ليمضين الله أمره في نصر دينه وحسن الاتيان بهذا الجزم بعد ذلك التردد للتنبيه على أنه لم يورده إلا على سبيل الفرض وفي هذا الفصل الندب إلى صلة الرحم والابقاء على من كان من أهلها وبذل النصيحة للقرابة وما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من القوة والثبات في تنفيذ حكم الله وتبليغ أمره قوله فقال بديل سأبلغهم ما تقول أي فأذن له (قوله فقال سفهاؤهم) سمى الواقدي منهم عكرمة بن أبي جهل والحكم بن أبي العاص (قوله فحدثهم) بما قال زاد ابن إسحاق في روايته فقال لهم بديل إنكم تعجلون على محمد أنه لم يأت لقتال إنما جاء معتمرا فاتهموه أي اتهموا بديلا لانهم كانوا يعرفون ميله إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا أن كان كما تقول فلا يدخلها علينا عنوة (قوله فقام عروة) في رواية أبي الأسود عن عروة عند الحاكم في الإكليل والبيهقي في الدلائل وذكر ذلك بن إسحاق أيضا من وجه آخر قالوا لما نزل صلى الله عليه وسلم بالحديبية أحب أن يبعث رجلا من أصحابه إلى قريش يعلمهم بأنه إنما قدم معتمرا فدعا عمر فاعتذر بأنه لا عشيرة له بمكة فدعا عثمان فأرسله بذلك وأمره أن يعلم من بمكة من المؤمنين بأن الفرج قريب فأعلمهم عثمان بذلك فحمله أبان بن سعيد بن العاص على فرسه فذكر القصة فقال المسلمون هنيئا لعثمان خلص إلى البيت فطاف به دوننا فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن ظني به أن لا يطوف حتى نطوف معا فكان كذلك قال ثم جاء عروة بن مسعود فذكر القصة وفي رواية بن إسحاق ان مجئ عروة كان قبل ذلك وذكرها موسى بن عقبة في المغازي عن الزهري وكذا أبو الأسود عن عروة قبل قصة مجئ سهيل بن عمرو فالله أعلم (قوله فقام عروة بن مسعود) أي بن معتب بضم أوله وفتح المهملة وتشديد المثناة المكسورة بعدها موحدة الثقفي ووقع في رواية ابن إسحاق عند أحمد عروة بن عمرو بن مسعود والصواب الأول وهو الذي وقع في السيرة (قوله ألستم بالولد وألست بالوالد قالوا بلى) كذا لأبي ذر ولغيره بالعكس ألستم بالوالد وألست بالولد وهو الصواب وهو الذي في رواية أحمد وابن إسحاق وغيرهما وزاد ابن إسحاق عن الزهري أن أم عروة هي سبيعة بنت عبد شمس بن عبد مناف فأراد بقوله ألستم بالوالد أنكم حي قد ولدوني في الجملة لكون أمي منكم وجرى بعض الشراح على ما وقع في رواية أبي ذر فقال أراد بقوله ألستم بالولد أي أنتم عندي في الشفقة والنصح بمنزلة الولد قال ولعله كان يخاطب بذلك قوما هم أسن منهم (قوله استنفرت أهل عكاظ) بضم المهملة وتخفيف الكاف وآخره معجمة أي دعوتهم إلى نصركم
(٢٤٧)