كل مسكن منها قال يجمع ذلك كله في مسكن واحد فذكر المتن بلفظ من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد وليس لعبد الله بن جعفر في البخاري سوى هذا الموضع (قوله وعبد الواحد بن أبي عون) وصله الدارقطني من طريق عبد العزيز بن محمد عنه بلفظ من فعل أمرا ليس عليه أمرنا فهو رد وليس لعبد الواحد أيضا في البخاري سوى هذا الموضع وقد رويناه في كتاب السنة لأبي الحسين بن حامد من طريق محمد بن إسحاق عن عبد الواحد وفيه قصة قال عن سعد بن إبراهيم قال كان الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب أوصى بوصية فجعل بعضها صدقة وبعضها ميراثا وخلط فيها وأنا يومئذ على القضاء فما دريت كيف أقضي فيها فصليت بجنب القاسم بن محمد فسألته فقال أجز من ماله الثلث وصية ورد سائر ذلك ميراثا فإن عائشة حدثتني فذكره بلفظ إبراهيم بن سعد وفي هذه الرواية دلالة على أن قوله في رواية الإسماعيلي المتقدمة من آل أبي جهل وهم وإنما هو من آل أبي لهب وعلى أن قوله في رواية مسلم يجمع ذلك كله في مسكن واحد هو بقية الوصية وليس هو من كلام القاسم بن محمد لكن صرح أبو عوانة في روايته بأنه كلام القاسم بن محمد وهو مشكل جدا فالذي أوصى بثلث كل مسكن أوصى بأمر جائز اتفاقا وأما الزام القاسم بأن يجمع في مسكن واحد ففيه نظر لاحتمال أن يكون بعض المساكن أغلى قيمة من بعض لكن يحتمل أن تكون تلك المساكن متساوية فيكون الأولى أن تقع الوصية بمسكن واحد من الثلاثة ولعله كان في الوصية شئ زائد على ذلك يوجب إنكارها كما أشارت إليه رواية أبي الحسين بن حامد والله أعلم وقد استشكل القرطبي شارح مسلم ما استشكلته وأجاب عنه بالحمل على ما إذا أراد أحد الفريقين الفدية أو الموصى لهم القسمة وتمييز حقه وكانت المساكن بحيث يضم بعضها إلى بعض في القسمة فحينئذ تقوم المساكن قيمة التعديل ويجمع نصيب الموصى لهم في موضع واحد ويبقى نصيب الورثة فيما عدا ذلك والله أعلم وهذا الحديث معدود من أصول الاسلام وقاعدة من قواعده فإن معناه من اخترع في الدين ما لا يشهد له أصل من أصوله فلا يلتفت إليه قال النووي هذا الحديث مما ينبغي أن يعتنى بحفظه واستعماله في ابطال المنكرات وإشاعة الاستدلال به كذلك وقال الطرقي هذا الحديث يصلح أن يسمى نصف أدلة الشرع لان الدليل يتركب من مقدمتين والمطلوب بالدليل أما إثبات الحكم أو نفيه وهذا الحديث مقدمة كبرى في إثبات كل حكم شرعي ونفيه لان منطوقه مقدمة كلية في كل دليل ناف لحكم مثل أن يقال في الوضوء بماء نجس هذا ليس من أمر الشرع وكل ما كان كذلك فهو مردود فهذا العمل مردود فالمقدمة الثانية ثابتة بهذا الحديث وإنما يقع النزاع في الأولى ومفهومه أن من عمل عملا عليه أمر الشرع فهو صحيح مثل أن يقال في الوضوء بالنية هذا عليه أمر الشرع وكل ما كان عليه أمر الشرع فهو صحيح فالمقدمة الثانية ثابتة بهذا الحديث والأولى فيها النزاع فلو اتفق أن يوجد حديث يكون مقدمة أولى في إثبات كل حكم شرعي ونفيه لاستقل الحديثان بجميع أدلة الشرع لكن هذا الثاني لا يوجد فإذا حديث الباب نصف أدلة الشرع والله أعلم وقوله رد معناه مردود من إطلاق المصدر على اسم المفعول مثل خلق ومخلوق ونسخ ومنسوخ وكأنه قال فهو باطل غير معتد به واللفظ الثاني وهو قوله من عمل أعم من اللفظ الأول وهو قوله من أحدث فيحتج به في إبطال جميع العقود المنهية وعدم وجود ثمراتها المرتبة عليها
(٢٢٢)