القائل (قوله لو أتيت عبد الله ابن أبي) أي بن سلول الخزرجي المشهور بالنفاق (قوله وهي أرض سبخة) بفتح المهملة وكسر الموحدة بعدها معجمة أي ذات سباخ وهي الأرض التي لا تنبت وكانت تلك صفة الأرض التي مر بها صلى الله عليه وسلم إذ ذاك وذكر ذلك للتوطئة لقول عبد الله بن أبي إذ تأذى بالغبار (قوله فقال رجل من الأنصار منهم الخ) لم أقف على اسمه أيضا وزعم بعض الشراح أنه عبد الله بن رواحة ورأيت بخط القطب أن السابق إلى ذلك الدمياطي ولم يذكر مستنده في ذلك فتتبعت ذلك فوجدت حديث أسامة بن زيد الآتي في تفسير آل عمران بنحو قصة أنس وفيه أنه وقعت بين عبد الله بن رواحة وبين عبد الله بن أبي مراجعة لكنها في غير ما يتعلق بالذي ذكر هنا فإن كانت القصة متحدة احتمل ذلك لكن سياقها ظاهر في المغايرة لان في حديث أسامة أنه صلى الله عليه وسلم أراد عيادة سعد بن عبادة فمر بعبد الله بن أبي وفي حديث أنس هذا أنه صلى الله عليه وسلم دعي إلى إتيان عبد الله بن أبي ويحتمل اتحادهما بأن الباعث على توجهه العيادة فاتفق مروره بعبد الله بن أبي فقيل له حينئذ لو أتيته فأتاه ويدل اتحادهما أن في حديث أسامة فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة خمر عبد الله بن أبي أنفه بردائه (قوله فغضب لعبد الله) أي ابن أبي (رجل من قومه) لم أقف على اسمه (قوله فشتما) كذا للأكثر أي شتم كل واحد منهما الآخر وفي رواية الكشميهني فشتمه (قوله ضرب بالجريد) كذا للأكثر بالجيم والراء وفي رواية الكشميهني بالحديد بالمهملة والدال والأول أصوب ووقع في حديث أسامة فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا (قوله فبلغنا) القائل ذلك هو أنس بن مالك بينه الإسماعيلي في روايته المذكورة من طريق المقدمي فقال آخره قال أنس فأنبئت أنها نزلت فيهم ولم أقف على اسم الذي أنبأ أنسا بذلك ولم يقع ذلك في حديث أسامة بل في آخره وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب كما أمرهم الله ويصبرون على الأذى إلى آخر الحديث وقد استشكل ابن بطال نزول الآية المذكورة وهي قوله وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا في هذه القصة لان المخاصمة وقعت بين من كان مع النبي صلى الله عليه وأصحابه وبين أصحاب عبد الله بن أبي وكانوا إذا ذاك كفارا فكيف ينزل فيهم طائفتان من المؤمنين ولا سيما إن كانت قصة أنس وأسامة متحدة فإن في رواية أسامة فاستب المسلمون والمشركون (قلت) يمكن أن يحمل على التغليب مع أن فيها اشكالا من جهة أخرى وهي أن حديث أسامة صريح في أن ذلك كان قبل وقعة بدر وقبل أن يسلم عبد الله بن أبي وأصحابه والآية المذكورة في الحجرات ونزولها متأخر جدا وقت مجئ الوفود لكنه يحتمل أن تكون آية الاصلاح نزلت قديما فيندفع الاشكال * (تنبيه) * القصة التي في حديث أنس مغايرة للقصة التي في حديث سهل بن سعد الذي قبله لان قصة سهل في بني عمرو بن عوف وهم من الأوس وكانت منازلهم بقباء وقصة أنس في رهط عبد الله بن أبي وسعد بن عبادة وهم من الخزرج وكانت منازلهم بالعالية ولم أقف على سبب المخاصمة بين بني عمرو بن عوف في حديث سهل والله أعلم وفي الحديث بيان ما كان النبي صلى الله عليه وسلم عليه من الصفح والحلم والصبر على الأذى في الله والدعاء إلى الله وتأليف القلوب على ذلك وفيه أن ركوب الحمار لا نقص فيه على الكبار وفيه ما كان الصحابة عليه من تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم والأدب معه
(٢١٩)