صارا بمنزلة فرقة واحدة وبيان وجود الفرق الثلاث في المثل المضروب أن الذين أرادوا خرق السفينة بمنزلة الواقع في حدود الله ثم من عداهم إما منكر وهو القائم وإما ساكت وهو المدهن وحمل ابن التين قوله هنا الواقع فيها على أن المراد به القائم فيها واستشهد بقوله تعالى إذا وقعت الواقعة أي قامت القيامة ولا يخفى ما فيه وكأنه غفل عما وقع في الشركة من مقابلة الواقع بالقائم وقد رواه الترمذي من طريق أبي معاوية عن الأعمش بلفظ مثل القائم على حدود الله والمدهن فيها وهو مستقيم وقال الكرماني قال في الشركة مثل القائم وهنا مثل المدهن وهما نقيضان فإن القائم هو الآمر بالمعروف والمدهن هو التارك له ثم أجاب بأنه حيث قال القائم نظر إلى جهة النجاة وحيث قال المدهن نظر إلى جهة الهلاك ولا شك أن التشبيه مستقيم على الحالين (قلت) كيف يستقيم هنا الاقتصار على ذكر المدهن وهو التارك للامر بالمعروف وعلى ذكر الواقع في الحد وهو العاصي وكلاهما هالك فالذي يظهر أن الصواب ما تقدم والحاصل أن بعض الرواة ذكر المدهن والقائم وبعضهم ذكر الواقع والقائم وبعضهم جمع الثلاثة وأما الجمع بين المدهن والواقع دون القائم فلا يستقيم (قوله استهموا سفينة) أي اقترعوها فأخذ كل واحد منهم سهما أي نصيبا من السفينة بالقرعة بأن تكون مشتركة بينهم إما بالإجازة وإما بالملك وإنما تقع القرعة بعد التعديل ثم يقع التشاح في الأنصبة فتقع القرعة لفصل النزاع كما تقدم قال بن التين وإنما يقع ذلك في السفينة ونحوها فيما إذا نزلوها معا أما لو سبق بعضهم بعضا فالسابق أحق بموضعه (قلت) وهذا فيما إذا كانت مسبلة مثلا أما لو كانت مملوكة لهم مثلا فالقرعة مشروعة إذا تنازعوا والله أعلم (قوله فتأذوا به) أي بالمار عليهم بالماء حالة السقي (قوله فأخذ فأسا) بهمزة ساكنة معروف ويؤنث (قوله ينقر) بفتح أوله وسكون النون وضم القاف أي يحفر ليخرقها (قوله فان أخذوا على يديه) أي منعوه من الحفر أنجوه ونجوا أنفسهم هو تفسير للرواية الماضية في الشركة حيث قال نجوا ونجوا أي كل من الآخذين والمأخوذين وهكذا إقامة الحدود يحصل بها النجاة لمن أقامها وأقيمت عليه وإلا هلك العاصي بالمعصية والساكت بالرضا بها قال المهلب وغيره في هذا الحديث تعذيب العامة بذنب الخاصة وفيه نظر لان التعذيب المذكور إذا وقع في الدنيا على من لا يستحقه فإنه يكفر من ذنوب من وقع به أو يرفع من درجته وفيه استحقاق العقوبة بترك الامر بالمعروف وتبين العالم الحكم بضرب المثل ووجوب الصبر على أذى الجار إذا خشي وقوع ما هو أشد ضررا وأنه ليس لصاحب السفل أن يحدث على صاحب العلو ما
(٢١٧)