هم الفاسقون الا الذين تابوا) وهذا الاستثناء عمدة من أجاز شهادته إذا تاب وقد أخرج البيهقي من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا ثم قال الا الذين تابوا فمن تاب فشهادته في كتاب الله تقبل وبهذا قال الجمهور أن شهادة القاذف بعد التوبة تقبل ويزول عنه اسم الفسق سواء كان بعد إقامة الحد أو قبله وتأولوا قوله تعالى أبدا على أن المراد ما دام مصرا على قذفه لان أبد كل شئ على ما يليق به كما لو قيل لا تقبل شهادة الكافر أبدا فإن المراد ما دام كافرا وبالغ الشعبي فقال أن تاب القاذف قبل إقامة الحد سقط عنه وذهب الحنفية إلى أن الاستثناء يتعلق بالفسق خاصة فإذا تاب سقط عنه اسم الفسق وأما شهادته فلا تقبل أبدا وقال بذلك بعض التابعين وفيه مذهب آخر يقبل بعد الحد لا قبله وعن الحنفية لا ترد شهادته حتى يحد وتعقبه الشافعي بأن الحدود كفارة لأهلها فهو بعد الحد خير منه قبله فكيف يرد في خير حالتيه ويقبل في شرهما (قوله وجلد عمر أبا بكرة وشبل بن معبد ونافعا بقذف المغيرة ثم استتابهم وقال من تاب قبلت شهادته) وصله الشافعي في الام قال سمعت الزهري يقول زعم أهل العراق أن شهادة المحدود لا تجوز فأشهد لأخبرني فلان أن عمر بن الخطاب قال لأبي بكرة تب وأقبل شهادتك قال سفيان سمي الزهري الذي أخبره فحفظته ثم نسيته فقال لي عمر بن قيس هو ابن المسيب (قلت) ورواه ابن جرير من وجه آخر عن سفيان فسماه ابن المسيب وكذلك رويناه بعلو من طريق الزعفراني عن سفيان ورواه ابن جرير في التفسير من طريق ابن إسحاق عن الزهري عن سعيد بن المسيب أتم من هذا ولفظه أن عمر بن الخطاب ضرب أبا بكرة وشبل بن معبد ونافع ابن الحرث بن كلدة الحد وقال لهم من أكذب نفسه قبلت شهادته فيما يستقبل ومن لم يفعل لم أجز شهادته فأكذب شبل نفسه ونافع وأبي أبو بكرة أن يفعل قال الزهري هو والله سنة فاحفظوها ورواه سليمان بن كثير عن الزهري عن سعيد بن المسيب أن عمر حيث شهد أبو بكرة ونافع وشبل على المغيرة وشهد زياد على خلاف شهادتهم فجلدهم واستتابهم وقال من رجع منكم عن شهادته قبلت شهادته فأبى أبو بكرة أن يرجع أخرجه عمر بن شبة في أخبار البصرة من هذا الوجه وساق قصة المغيرة هذه من طرق كثيرة محصلها أن المغيرة بن شعبة كان أمير البصرة لعمر فأتهمه أبو بكرة وهو نفيع الثقفي الصحابي المشهور وكان أبو بكرة ونافع بن الحرث بن كلدة الثقفي وهو معدود في الصحابة وشبل بكسر المعجمة وسكون الموحدة ابن معبد بن عتيبة بن الحرث البجلي وهو معدود في المخضرمين وزياد بن عبيد الذي كان بعد ذلك يقال له زياد بن أبي سفيان أخوه من أم أمهم سمية مولاة الحرث بن كلدة فاجتمعوا جميعا فرأوا المغيرة متبطن المرأة وكان يقال لها الرقطاء أم جميل بنت عمرو بن الأفقم الهلالية وزوجها الحجاج بن عتيك بن الحرث بن عوف الجشمي فرحلوا إلى عمر فشكوه فعزله وولي أبا موسى الأشعري وأحضر المغيرة فشهد عليه الثلاثة بالزنا وأما زياد فلم يبت الشهادة وقال رأيت منظرا قبيحا وما أدري أخالطها أم لا فامر عمر بجلد الثلاثة حد القذف وقال ما قال وأخرج القصة الطبراني في ترجمة شبل بن معبد والبيهقي من رواية أبي عثمان النهدي أنه شاهد ذلك عند عمر وإسناده صحيح ورواه الحاكم في المستدرك من طريق عبد العزيز بن أبي بكرة مطولا وفيها فقال زياد رأيتهما في لحاف وسمعت نفسا عاليا ولا أدري ما وراء ذلك وقد حكى الإسماعيلي في المدخل أن بعضهم استشكل إخراج
(١٨٧)