توقف وهذه الأجوبة مبينة على أن الأصل في أداء الشهادة عند الحاكم أن لا يكون الا بعد الطلب من صاحب الحق فيخص ذم من يشهد قبل أن يستشهد بمن ذكر ممن يخبر بشهادة عنده لا يعلم صاحبها بها أو شهادة الحسبة وذهب بعضهم إلى جواز أداء الشهادة قبل السؤال على ظاهر عموم حديث زيد بن خالد وتأولوا حديث عمران بتأويلات أحدها أنه محمول على شهادة الزور أي يؤدون شهادة لم يسبق لهم تحملها وهذا حكاه الترمذي عن بعض أهل العلم * ثانيها المراد بها الشهادة في الحلف يدل عليه قول إبراهيم في آخر حديث بن مسعود كانوا يضربوننا على الشهادة أي قول الرجل أشهد بالله ما كان الا كذا على معنى الحلف فكره ذلك كما كره الاكثار من الحلف واليمين قد تسمى شهادة كما قال تعالى فشهادة أحدهم وهذا جواب الطحاوي * ثالثها المراد بها الشهادة على المغيب من أمر الناس فيشهد على قوم أنهم في النار وعلى قوم أنهم في الجنة بغير دليل كما يصنع ذلك أهل الأهواء حكاه الخطابي * رابعها المراد به من ينتصب شاهدا وليس من أهل الشهادة * خامسها المراد به التسارع إلى الشهادة وصاحبها بها عالم من قبل أن يسأله والله أعلم وقوله يشهدون ولا يستشهدون استدل به على أن من سمع رجلا يقول لفلان عندي كذا فلا يسوغ له أن يشهد عليه بذلك الا أن استشهده وهذا بخلاف من رأى رجلا يقتل رجلا أو يغصبه ماله فإنه يجوز له أن يشهد بذلك وأن لم يستشهده الجاني (قوله وينذرون) بفتح أوله وبكسر الذال المعجمة وبضمها (ولا يفون) يأتي الكلام عليه في كتاب النذور وقوله ويظهر فيهم السمن بكسر المهملة وفتح الميم بعدها نون أي يحبون التوسع في المآكل والمشارب وهى أسباب السمن بالتشديد قال بن التين المراد ذم محبته وتعاطيه لا من تخلق بذلك وقيل المراد يظهر فيهم كثرة المال وقيل المراد أنهم يتسمنون أي يتكثرون بما ليس فيهم ويدعون ما ليس لهم من الشرف ويحتمل أن يكون جميع ذلك مرادا وقد رواه الترمذي من طريق هلال بن يساف عن عمران بن حصين بلفظ ثم يجئ قوم يتسمنون ويحبون السمن وهو ظاهر في تعاطي السمن على حقيقته فهو أولى ما حمل عليه خبر الباب وإنما كان مذموما لان السمين غالبا بليد الفهم ثقيل عن العبادة كما هو مشهور (قوله عن منصور) هو بن المعتمر وإبراهيم هو النخعي وعبيدة بفتح أوله هو السلماني وعبد الله هو بن مسعود وهذا الاسناد كله كوفيون وفيه ثلاثة من التابعين في نسق (قوله تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته) أي في حالين وليس المراد أن ذلك يقع في حالة واحدة لأنه دور كالذي يحرص على ترويج شهادة فيحلف على صحتها ليقويها فتارة يحلف قبل أن يشهد وتارة يشهد قبل أن يحلف ويحتمل أن يقع ذلك في حال واحدة عند من يجيز الحلف في الشهادة فيريد أن يشهد ويحلف وقال ابن الجوزي المراد أنهم لا يتورعون ويستهينون بأمر الشهادة واليمين وقال ابن بطال يستدل به على أن الحلف في الشهادة يبطلها قال وحكى ابن شعبان في الزاهي من قال أشهد بالله أن لفلان على فلان كذا لم تقبل شهادته لأنه حلف وليس بشهادة قال ابن بطال والمعروف عن مالك خلافه (قوله قال إبراهيم الخ) هو موصول بالاسناد المذكور ووهم من زعم أنه معلق وإبراهيم هو النخعي (قوله كانوا يضربوننا على الشهادة والعهد) زاد المصنف بهذا الاسناد في أول الفضائل ونحن صغار وكذلك أخرجه مسلم بلفظ كانوا ينهوننا ونحن غلمان عن العهد والشهادات وسيأتي في كتاب الايمان والنذور نحوه
(١٩١)