قارفت سوءا مما يقولون، فتوبي إلى الله فان اله يقبل التوبة من عباده.
وانتظرت عائشة لحظة لعل أبويها يجيبان رسول الله عنها، ولكنهما ظلا صامتين فانفجرت وأخبرت محمدا أنه ليس هناك ما تعترف به، فقد كانت تعرف ذلك أكثر من أي فرد آخر، فكانت تتكلم في قوة وفي حدة، ثم انفجرت باكية.
استمع محمد إليها ولكنه لم يفعل شيئا ليهون على زوجه المنتحبة، وحدق فيها فاحصا ثم ابتدأ يتنهد، وأغلقت عيناه بعد قليل، ثم تمدد على الحصير، فسجاه أبو بكر بثوبه، وراح في غيبوبة مدة، فتوقفت عائشة عن البكاء، وراحت ترقب محمدا الذي كان يتنفس تنفسا عميقا في قلق، وفجأة ألقى محمد بالثوب عنه وانتصب واقفا وكانت عيناه تشعان سرورا فقال:
أبشري يا عائشة، قد أنزل الله براءتك.
وخرج من الدار في خطى سريعة واسعة، ووقف أمام المسجد وقرأ الآيات التي أوحيت إليه: (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة، ولا تقبلوا لم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون).
واستمر في التلاوة لدقائق قليلة مبينا أحكام الزنا، وهذه الأحكام مفصلة في السورة الرابعة والخامسة من القرآن.
فلما انتهى أمر بتنفيذ العقوبة التي شرعها الان في حسان وحمنة ومسطح وكان صديقا لأبي بكر، وكانوا ممن أفصح بالفاحشة، ولم يحمل أحدا منهم حقدا بسبب ذلك، ولا يتبدل إخلاص حسان لمحمد، وقد وضع شرا بعد ذلك يمتدح فيه فضائل عائشة.
وقد تجاهل محمد عبد الله بن أبي الذي كان السبب الحقيقي لكل هذه المتاعب فما كان مسلما وعلى ذلك لم يكن خاضعا للأحكام الاسلامية، وزيادة على ذلك، وعلى الرغم من نمو قوة محمد، فإنه لم يشعر بعد بقدرته على عداء هذا