شارفهم قد درت باللبن، فكانوا يحلبون منها غبوقا وصبوحا، فطلعت على صواحبها، فلما رأينها قلن: من أخذت؟ فأخبرتهن، فقلن: والله إنا لنرجو أن يكون مباركا، قالت حليمة: قد رأينا بركته، كنت لا أروي ابني عبد الله ولا يدعنا ننام من الغرث، فهو وأخوه يرويان ما أحبا وينامان ولو كان معهما ثالث لروي، ولقد أمرتني أمه أن أسأل عنه، فرجعت به إلى بلادها، فأقامت به حتى قامت سوق عكاظ، فانطلقت برسول الله (ص) حتى تأتي به إلى عراف من هذيل يريه الناس صبيانهم، فلما نظر إليه صاح: يا معشر هذيل! يا معشر العرب!
فاجتمع إليه الناس من أهل الموسم، فقال: اقتلوا هذا الصبي! وانسلت به حليمة، فجعل الناس يقولون: أي صبي؟ فيقول: هذا الصبي! ولا يرون شيئا قد انطلقت به أمه، فيقال له: ما هو؟ قال: رأيت غلاما، وآلهته ليقتلن أهل دينكم، وليكسرن آلهتكم، وليظهرن أمره عليكم، فطلب بعكاظ فلم يوجد، ورجعت به حليمة إلى منزلها، فكانت بعد لا تعرضه لعراف ولا لأحد من الناس (1).
إخبار سيف بن ذي يزن عبد المطلب بشأن الرسول (ص) في دلائل النبوة لأبي نعيم، في حديث طويل موجزه:
انه لما ظهر سيف بن ذي يزن على اليمن وظفر بالحبشة ونفاهم عنها - وذلك بعد مولد رسول الله (ص) بسنتين - أتته وفود العرب وأشرافها وشعراؤها تهنيه وتمدحه، فأتاه وفد قريش، وفيهم عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، و....
فقال سيف بن ذي يزن: وأيهم أنت أيها المتكلم؟ قال: أنا عبد المطلب بن