عزوا اختفاءها إلى الجن، وكان هذا هو الشرح الوحيد المقبول ما دام أنهم لم يقفوا في الطريق أبدا، وما كان محمد ليوافق على خرافات كهذه، فراح ينظم جماعة للخروج للبحث عنها لما أقبل بعير من طرقات المدينة الضيقة يقوده شاب وسيم جميل، وكانت عائشة جالسة على ظهر البعير حلوة كالفجر، وأنيخ البعير أمام مدخل دارها، فنزلت عائشة، وابتسمت لصفوان ودلفت إلى الدار دون أن تحس أنها عرضة للانتقاد كأنما اعتادت السفر في الصحراء مع شبان أغراب.
وكان محمد مسرورا برؤية زوجه الأثيرة عنده سالمة، فرحب بها، ولما كان الأمر يتعلق به فقد انتهت المحادثة، وكان من الواجب أن تنتهي ما لم يتدخل في الأمر عبد الله بن أبي.
لم يقل لي أحد من أصدقائي العرب كيف كان يبدو عبد الله بن أبي، ولم يوصف في أي كتاب من الكتب التي قرأتها، ولكن من الواجب أن يكون شخصية غير محببة، شخصية خائنة شريرة، فظة جبانة، ويلوح أن يكون له خصال مفيستو فيليز وياجو ويورياهيب والشخصيات الشريرة الأخرى المعروفة في تاريخ القصص. ويلوح أن أمنية حياته كانت مضايقة محمد، فما إن سمع بعودة عائشة منفردة إلى المدينة حتى راح يوسع الأرض إذاعة، فقال دون أن يحاول معرفة الظروف الملابسة للحادث، ان صفوان عشيق عائشة، وأضاف إلى ذلك أنه لا يلوم عائشة، وإن الشئ الوحيد الذي كان يدهشه هو إخلاص هذه الفتاة الفاتنة التي كانت في السادسة عشرة، هذه المدة الطويلة لهذا الشيخ المرتجف الذي يقرب من الستين، فإذا كان الجميع لا يوافقون، فالجميع منافقون.
ولم يشارك عبد الله في فريته إلا القليلون، منهم حمنة أخت زينب بنت جحش، وكانت زينب تعتقد أن الله نفسه زوجها من محمد فكانت تحس أنه من الواجب أن تحتل مكان عائشة الأثيرة عنده، ولقد فشلت حتى ذلك الوقت في أن