تنال بغيتها، وقد هيأت لها هذه الفضيحة المفتراة فرصة، وما كانت تود أن تضر عائشة، وما كانت تعتقد في حديث الإفك، كما أشارت إلى ذلك فيما بعد، ولكن لما كان عبد الله يذكي نار الشائعات وكانت حمنة متأهبة لنشرها، فإنها تركت الأمور تجري في أعنتها، وانتشر اللغط في دور النبي، وانتشر اللغط في الخارج، فكان لكل انسان في المدينة روايته عن مسألة عائشة وصفوان، وما كان يتأخر عن سردها وزيادة على ذلك وكما هي العادة فقد كان الزوج آخر من عرف، فلما بلغه الخبر لم يكن يدري ما يفعل.
إن محمدا يحب عائشة، وانه ليحبها أحب خديجة، ولكن بطريقة أخرى، فإنه أحبها أكثر مما أحب أية امرأة أخرى كانت في حياته، وما كان يستطيع أن يصدق أن هذه الفتاة الصغيرة التي كانت له دائما صديقة كما كانت حبيبة، قادرة على أن تخونه متعمدة، وإن ما بلغه قد أزعجه حتى أنه لم يقدر على أن يتهم عائشة مباشرة، ولكنه أعرض عنها.
وقد لاحظت عائشة التي كانت تحب محمدا أيضا حبا جما إعراضه عنها، ولكنها لم تفطن إلى السبب فورا، ولما فطنت امتلأت حنقا، فأقسمت وهي تذرف الدمع السخين أنها بريئة، واندفعت إلى بيت أبويها، راحت أمها وأختها تواسيانها، وقالتا لها لتخففا عنها لقلما كانت امرأة حسناء عند رجل يحبها لها ضرائر إلا كثرن وكثر الناس عليها، فلو أنها انتظرت دون محاولة مقابلة المثل بالمثل لعاد كل شئ إلى أصله. ولم يقل أبو بكر شيئا، ولم يفاتحه النبي في شئ، فأغلق بابه عليه وراح يقرأ القرآن، ولم يستشر محمد عمر، ومن المحتمل أنه فكر في صرامته فخشى أن ينصح بالطلاق، وعلى كل حال فقد أفضى إلى علي بالأمر.
لم يكن علي رجل نساء، وكان محاربا مسلما لا يعتقد في جميع هؤلاء النسوة اللاتي يخلطن حياتهن بحياة قائده الأعلى، وكان يعكس كره فاطمة لزوجة أبيها