ج - رؤيا حراء، التحنث ان زيارة محمد لحراء، وهو جبل قريب من مكة، بصحبة عائلته أو بدونها، ليست مستحيلة، ويمكن أن يكون ذلك للفرار من أتون المدينة خلال فصل الصيف للذين لا يستطيعون التوجه إلى الطائف، ويمكن للتأثير اليهودي المسيحي ولا سيما مثل الرهبان، أو تجربة شخصية لمحمد أن يكون قد أثار فيه الحاجة للخلوة والرغبة فيها.
وليس المعنى الدقيق والمشتق " للتحنث " واضحا. وإن كنا بصورة بديهية بصدد بعض طقوس العبادة. ولربما كانت أفضل فرضية هي فرضية ه. هرشفلد (1) بالاعتماد على اللفظ العبري " تحنوث " (fehinnath) أو " تحت " (fehinnath) الذي يعني " الصلاة لله ". ويمكن لهذا المعنى أن يكون قد تأثر بالجذر العربي، حنث تعني نقض القسم والعهد، أو العجز عن تنفيذه، كما تعني بالمعنى العام الخطيئة، والتحنث يعني " القيام بعمل للفرار من خطيئة أو جريمة " واستعمال كلمة " التحنث " هنا ربما كان دليلا على أن المادة قديمة فهي بذلك صحيحة (2).
وربما استطعنا أن نتم هذا العرض الموجز بما سبق الدعوة وأول ما نزل من الوحي، ولابد أن محمدا قد عرف منذ شبابه بعض المشاكل الاجتماعية والدينية في ا مكة. ولا شك أن وضعه كيتيم قد أطلعه على القلق السائد في المجتمع، وربما كانت أفكاره من وجهة المنظر الدينية ترجع إلى التوحيد الغامض الذي نلاحظه عند المكيين المثقفين، ولكن يضاف إلى ذلك أنه ولا شك فكر ببعض الاصلاح في مكة، وكان كل ما يحيط به يساعد على أن يوحي إليه بأن هذا الاصلاح يجب أن يكون