بيت النبي (ص) ولم يطلع عليه إلا خاصته ممن لم يشيعوا ذكره تأدبا بقوله تعالى:
(والذين يحبون ان تشيع الفاحشة).
ثم إن رميهم من قذفوا بالفاحشة لم يتعد حدود الارجاف ولم يبلغ منهم إلى درجة الشهادة ليوجب عليهم حد القذف، فلم يكن اي واحد منهم جادا في ذلك البتة، لعدم وجود الموجب له. ونرى أن المرأة والرجل اللذين رميا بالإفك لابد وانهما لم يكونا من البيوتات العربية لتثأر لهما العشيرة والاهل، وإنما كانا من المغمورين المنقطعين عن الرهط ولم يكن لهم ناصر إلا الله ورسوله (ص)، واما القاذفون فلا بد وانهم كانوا عصبة قوية يومذاك. ولما نزلت آيات الإفك خمدت أنفاس العصبية وسكتت على مضض وسكت الرسول عنهم وسكت المتصلون بالرسول، ولا بد ان هذه العصبة بقيت قوية بعد الرسول وصعدت قمة المجتمع الاسلامي وأصبحت مهابة ملحوظة الجانب، فأجتهد المحدثون والمؤرخون في اخفاء معالم الواقعة مهما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.
وقد انتهى إلينا من زوايا كتب الحديث والسير ما ينير لنا الطريق بعض الشئ، وذلك ما سندرسه إن شاء الله تعالى بعد دراسة أخبار الإفك في ما يأتي:
ب - في الحديث ما روي عن أم المؤمنين عائشة في قصة الإفك ودراستها:
جاء في ما روي عنها في صحاح الحديث أن رسول الله استشار أسامة بن زيد وكان أسامة يومذاك في السنة الخامسة أو السادسة من الهجرة غلاما لم يبلغ الحلم لأنه كان في مرض وفاة الرسول حين ولاه على الجيش في السنة الثانية عشرة من الهجرة عمره ثماني عشرة سنة، واستنكروا تعيينه وهو غلام على جيش