أ - ما جرى في أمر رواية الحديث صنف ابن الجوزي رواة الحديث الذين وقع في حديثهم الموضوع والكذب والمقلوب إلى خمسة أقسام، وقال عن القسم الثالث منهم: قوم تعمدوا الكذب الصريح لا لأنهم أخطأوا ولا لأنهم رووا عن كذاب، فتارة يكذبون في الأسانيد وتارة يسرقون الأحاديث وتارة يضعون أحاديث، وقسم هؤلاء الوضاعون إلى سبعة أقسام وقال عن القسم الثالث منهم ما موجزه: انهم قوم وضعوا الأحاديث في الترغيب والترهيب. ومضمون فعلهم أن الشريعة ناقصة نحتاج إلى تتمة فأتممناها! وفي ما يأتي نورد أمثلة منها باذنه تعالى:
كان غلام خليل يتزهد ويهجن شهوات الدنيا ويتقوت الباقلا تصوفا وغلقت أسواق بغداد يوم موته، وقيل له هذه الأحاديث تحدث بها من الرقائق فقال: " وضعناها لنرقق بها قلوب العامة ".
وقالوا لميسرة بن عبد الله: من أين جئت بهذه الأحاديث: من قرأ كذا فله كذا؟ قال: " وضعتها ارغب الناس فيها " وكان أطول الناس قياما بليل وأكثرهم صياما بنهار وكان يضع الحديث وضعا.
قال ابن حبان: وكان أبو بشر أحمد بن محمد الفقيه المروزي من أصلب أهل زمانه في السنة وأذبهم عنها وأقمعهم لمن خالفها، وكان مع هذا يضع الحديث. قد وضع في فضائل قزوين نحو أربعين حديثا كان يقول: " إني أحتسب في ذلك ".