ويؤكد القرآن ذلك كما سنرى. ولا نستطيع أن نكون مطمئنين إلى التفاصيل.
واعلان الآيات القرآنية مرتبط بهذه القصة.
وتبعا لهذا الرأي فإن نسخ الآيات مرتبط أيضا بفشل هذه التسوية.
ولا شئ يسمح لنا بالاعتقاد أن محمدا قد استسلم لخداع المكيين. ولكنه انتهى به الأمر إلى إدراك أن الاعتراف ببنات الله (كما كانت تسمى الألهة الثلاث وغيرها) يعني انزال الله إلى مستواها. وعبادة الله في الكعبة، لم تكن في الظاهر تختلف عن عبادتها في نخلة والطائف وقديد، وهذا يعني ان رسول الله لم يكن يختلف كثيرا عن كهانهم وأنه لم يكن يرى نفسه مدعوا لان يكون تأثيره أعظم من تأثيرهم.
ينتج عن ذلك أن الاصلاح الذي عمل له من كل قلبه لن يتحقق.
وهكذا لم يرفض محمد عروض المكيين لأسباب زمنية بل لسبب ديني حقيقي. ليس لأنه لم يكن يثق بهم، مثلا، أو لأنه لم يبق شئ من مطامحه الشخصية بل لأن الاعتراف بآطهتهم يؤدي إلى فشل قضيته والمهمة التي تلقاها من الله.
ولا شك ان الوحي قد نبهه إلى ذلك، كما أنه من الممكن أن يكون قد شعر بخطئه بهذا الصدد قبل نزول الوحي.
وإذا نظرنا إلى الوضع بصورة مجردة يبدو أن هناك قليلا من الأسباب للاعتراض على الاعتراف باللات والآلهة الأخرى على أنها مخلوقات سماوية ثانوية. ولا يتعارض الاعتراف بالملائكة مع التوحيد، ليس فقط في اليهودية والمسيحية بل في الاسلام. وهناك مع ذلك عاملان حالا دون الاعتراف بذلك في مكة. أولا كانت العبادة في الكعبة، التي كانت في السابق متعددة الألهة، آخذة بالطهارة، وكانت في نظر المسلمين تسير في طريق التوحيد.
فإذا كانت عبادة مماثلة تمارس في معابد عديدة، فلسوف يخيل لشعب الحجاز أن آلهة متساوية تقريبا تعبد فيها. ثم إن جملة " بنات الله " تتضمن نتائج