الشابة، فأجاب على استشارة محمد بان جميع النساء سواء، وان عائشة لا تختلف عن الأخريات، وقد بلغ هذا القول عائشة فلم تنسه أبدا، فلما بويع لعلي بالخلافة بعد ثلاثين سنة عارضته بشدة حتى أنها أثارت حربا أهلية دموية بين المسلمين، ولا زال ترجيع هذه الملاحظة والغضبة التي أثارتها في عائشة ظاهرة حتى اليوم في بعض الشقاق الاسلامي.
وفي هذا الوقت كان صفوان يطوف بالمدينة ويقسم أنه لم يكن بينه وبين عائشة أدنى شئ، وأنه لم يرها أبدا إلا في هذه المناسبة في الصحراء، وكان هدف غضبه الرئيسي حسان بن ثابت، شاعر النبي الذي ندين له كثيرا بالأدب المعاصر لهذه الحقبة، وكان حسان صديقا شخصيا لمحمد، ولكنه لم يستطع أن يقاوم إغراء نظم بعض الشعر اللاذع عن الحادثة، وقد كلفه ذلك أن ضربه صفوان، والظاهر أنه كان يستحق ذلك، وفي الحقيقة ما كان أحد بقادر على أن يقاوم إغراء تحليل القصة ثم إعادة سردها، فقد احتلت مكانة أعظم من المجادلات السياسية الاسلامية.
وعرف محمد أخيرا أنه الوحيد الذي يلام، فإن الفضيحة ستستمر ما دام مترددا، فإن من واجبه أن يحكم ببراءة عائشة أو إدانتها، فقام بعمل حاسم كما هي عادته في المعارك.
ففي الاجتماع التالي للصلاة، قام في الناس يخطبهم فقال: " يا أيها الناس. ما بال رجال يؤذونني في أهلي ويقولون عليهن غير الحق! والله ما علمت منهن إلا خيرا، ويقولون ذلك لرجل والله ما علمت منه إلا خيرا ".
ولما انتهى من ذلك ذهب إلى عائشة، فوجدها مع والديها وقد جلسا بجوارها على حصير، فقال:
- يا عائشة، إنه قد كان ما بلغك من قول الناس فاتقي الله، وإن كنت قد