أرض الحبشة متجرا لقريش يتجرون فيها، مجدون فيها رفاغا من الرزق وأمنا ومتجرا حسنا فأمرهم بها رسول الله (ص)، فذهب إليها عامتهم لما قهروا بمكة، وخاف عليهم الفتن، ومكث هو فلم يبرح، فمكث بذلك سنوات يشتدون على من أسلم منهم. ثم أنه فشا الاسلام فيها ودخل فيه رجال من أشرافهم ".
وتشبه رواية أبي العالية تقريبا الرواية السابقة، ولكنها لا تحتوي على بيت الشعر الثالث. ولكنها مع ذلك تذكرنا، كبعض الروايات الأخرى، كيف امتنع كبار القرشيين، بسبب أعمارهم، عن السجود فمسحوا جباههم بالتراب عرضا عن ذلك، وهي على عكس الروايات الأخرى، تضيف ان أبا أهيهة، سعيد بن العاص، لاحظ قائلا: بأن ابن أبي كبشة أشاد بآلهتهم. يمكن أن تكون الملاحظة صحيحة ونجد إشارة مشابهة لمحمد في ملاحظة أخرى تنسب لهذا الرجل.
وإذا قارنا مختلف الروايات وحاولنا أن نميز بين الوقائع الخارجية التي تتفق معها والدوافع التي يستخدمها المؤرخ لتفسير الوقائع، نلاحظ واقعتين نستطيع أن نعتبرهما أكيدتين. أولا رتل محمد في وقت من الأوقات الآيات التي أوحى بها الشيطان على أنها جزء من القرآن لأنه لا يمكن أن تكون القصة قد اخترعها مسلمون فيما بعد أو دسها غير المسلمين. ثم أعلن محمد فيما بعد أن هذه الآيات لا يجب أن تعتبر جزءا من القرآن ويجب استبدالها بآيات تختلف عنها كثيرا في مضمونها. والروايات الأولى لا تحدد الوقت الذي حدث فيه ذلك.
والأقرب أن يكون ذلك قد وقع بعد بضعة أسابيع أو أشهر.
وهناك واقعة ثالثة أو مجموعة وقائع نستطيع أن نكون واثقين منها. وهي أنه كان يجب على محمد ومعاصريه المكيين أن يشير في القرآن للآلهة اللات التي كانت معبودة في الطائف والعزى المعبودة في نخلة بالقرب من مكة، ومناة التي كان معبدها بين مكة والمدينة. كانت العزى معبودة عند القرشيين أولا، ولكن