أبي، وليس للناس حديث إلا ما قال ابن أبي، وجعل الرهط من الأنصار (1) يؤنبون الغلام ويقولون: عمدت إلى سيد قومك تقول عليه ما لم يقل، وقد ظلمت وقطعت الرحم! فقال زيد: والله لقد سمعت منه! قال: ووالله، ما كان في الخزرج رجل واحد أحب إلي من عبد الله بن أبي، والله، لو سمعت هذه المقالة من أبي لنقلتها إلى رسول الله (ص)، وإني لأرجو أن ينزل الله تعالى على نبيه حتى يعلموا أنا كاذب أم غيري، أو يرى رسول الله (ص) تصديق قولي. وجعل زيد يقول:
اللهم أنزل على نبيك ما يصدق حديثي! فقال قائل: يا رسول الله، مر عباد بن بشر فليأتك برأسه. فكره رسول الله (ص) هذه المقالة. ويقال قال: قل لمحمد بن مسلمة يأتك برأسه. فقال النبي (ص) وأعرض عنه: لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه. وقام النفر من الأنصار الذين سمعوا قول النبي (ص) ورده على الغلام، فجاءوا إلى ابن أبي فأخبروه، وقال أوس بن خولي: يا أبا الحباب، إن كنت قلته فأخبر النبي يستغفر لك، ولا تجحده فينزل ما يكذبك. وإن كنت لم تقله فأت رسول الله (ص) فاعتذر إليه واحلف لرسول الله (ص) ما قلته. فحلف بالله العظيم ما قال من ذلك شيئا. ثم إن ابن أبي أتى إلى رسول الله (ص) فقال: يا بن أبي، إن كانت سلفت منك مقالة فتب. فجعل يحلف بالله ما قلت ما قال زيد، ولا تكلمت به! وكان في قومه شريفا، فكان يظن أنه قد صدق، وكان يظن به سوء الظن. ثم مشى إلى رسول الله (ص) وحلف بالله ما قال. وأسرع رسول الله (ص) عند ذلك السير، ورحل في ساعة لم يكن يرتحل فيها.
ولم يشعر أهل العسكر إلا برسول الله (ص) قد طلع على راحلته القصواء، وكانوا في حر شديد، وكان لا يروح حتى يبرد، إلا أنه لما جاءه خبر ابن أبي رحل في تلك الساعة، فكان أول من لقيه، أسيد بن حضير، فقال: السلام عليك