رأيت كاليوم مذلة! والله إن كنت لكارها لوجهي هذا ولكن قومي قد غلبوني، قد فعلوها، قد نافرونا (1) وكاثرونا في بلدنا، وأنكروا منتنا (2) والله ما صرنا وجلابيب (3) قريش هذه إلا كما قال القائل: " ممن كلبك يأكلك ". والله لقد ظننت أني سأموت قبل أن أسمع هاتفا يهتف بما هتف به جهجاه وأنا حاضر لا يكون لذلك مني غير (4) والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. ثم أقبل على من حضر من قومه فقال: هذا ما فعلتم بأنفسكم! أحللتموهم بلادكم، ونزلوا منازلكم، وآسيتموهم (5) في أموالكم حتى استغنوا، أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحولوا إلى غير بلادكم، ثم لم ترضوا ما فعلتم حتى جعلتم أنفسكم أغراضا للمنايا فقتلتم دونهم، فأيتمتم أولادكم وقللتم وكثروا... الحديث.
وفي الأغاني (6) فقال عبد الله بن أبي بن سلول: هذا ما جزونا به، آويناهم ثم هم يقاتلوننا! وبلغ حسان بن ثابت الذي بين جهجاه وبين الفتية الأنصار،