يوم، وبين الفرع والمدينة ثمانية برد (1). وكانت في سنة خمس من الهجرة، خرج رسول الله (ص) يوم الاثنين لليلتين خلتا من شعبان، وسببها أن الحارث بن أبي ضرار الخزاعي سيد بين المصطلق سار في قومه ومن قدر عليه من العرب، فدعاهم إلى حرب رسول الله (ص)، فابتاعوا خيلا وسلاحا وتهيأوا للمسير إلى رسول الله (ص). وجعلت الركبان تقدم من ناحيتهم فيخبرون بمسيرهم، فبلغ ذلك رسول الله (ص) فبعث بريدة بن الحصيب الأسلمي يعلم علم ذلك، واستأذن النبي (ص) أن يقول فأذن له، فخرج حتى ورد عليهم ماءهم، فوجد قوما مغرورين قد تألبوا وجمعوا المجموع، فقالوا: من الرجل؟ قال: رجل منكم، قدمت لما بلغني عن جمعكم لهذا الرجل، فأسير في قومي ومن أطاعني فتكون يدنا واحدة حتى نستأصله. قال الحارث ابن أبي ضرار: فنحن على ذلك، فعجل علينا. قال بريدة: أركب الآن فآتيكم بجمع كثيف من قومي ومن أطاعني.
فسروا بذلك منه، ورجع إلى رسول الله (ص) فأخبره خبر القوم، فندب رسول الله (ص) الناس، وأخبرهم خبر عدوهم فأسرع الناس للخروج، وقادوا الخيول وهي ثلاثون فرسا، في المهاجرين منها عشرة وفي الأنصار عشرون، ولرسول الله (ص) فرسان.
وخرج مع رسول الله (ص) بشر كثير من المنافقين لم يخرجوا في غزاة قط مثلها، ليس بهم رغبة في الجهاد إلا أن يصيبوا من عرض الدنيا، وقرب عليهم السفر. فخرج رسول الله (ص) حتى سلك على الحلائق (2) فنزل بها، فأصاب عينا من المشركين فضرب عنقه بعد أن عرض عليه الاسلام فأبى. وانتهى (ص) إلى