بالرحيل فارتحل العسكر. وذهبت لحاجتي فمشيت حتى جاوزت العسكر وفي عنقي عقد لي من جزع ظفار (1)، وكانت أمي أدخلتني فيه على رسول الله (ص).
فلما قضيت حاجتي انسل من عنقي فلا أدري به، فلما رجعت إلى الرحل ذهبت ألتمسه في عنقي فلم أجده، وإذا العسكر قد نغضوا (2) إلا عيرات (3)، وكنت أظن أني لو أقمت شهرا لم يبعث بعيري حتى أكون في هودجي، فرجعت في التماسه فوجدته في المكان الذي ظننت أنه فيه، فحبسني ابتغاؤه وأتى الرجلان خلافي، فرحلوا البعير وحملوا الهودج وهم يظنون أني فيه، فوضعوه على البعير ولا يشكون أني فيه - وكنت قبل لا أتكلم إذ أكون عليه فلم ينكروا شيئا - وبعثوا البعير فقادوا بالزمام وانطلقوا، فرجعت إلى العسكر وليس فيه داع ولا مجيب، ولا أسمع صوتا ولا زجرا.
قالت: فالتفت بثوبي واضطجعت وعلمت أني إن افتقدت رجع إلي.
قالت: فوالله، إني لمضطجعة في منزلي، قد غلبتني عيني فنمت. وكان صفوان بن معطل السلمي ثم الذكواني على ساقة الناس من ورائهم، فأدلج فأصبح عند منزلي في عماية الصبح، فيرى سواد إنسان فأتاني، وكان يراني قبل أن ينزل الحجاب وأنا ملتفة، فأثبتني فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني. فخمرت وجهي بملحفتي، فوالله إن كلمني كلمة غير أني سمعت استرجاعه حين أناخ بعيره.
ثم وطأ على يده موليا عني، فركبت على رحله، وانطلق يقود بي حتى جئنا العسكر شد الضحى، فارتعج العسكر وقال أصحاب الإفك الذي قالوا - وتولى كبره عبد الله بن أبي - ولا أشعر من ذلك بشئ والناس يخوضون في قول أصحاب