أيها النبي ورحمة الله! فقال رسول الله (ص): وعليك السلام! فقال: يا رسول الله، قد رحلت في ساعة فنكرة ما كنت ترحل فيها! فقال رسول الله (ص): أو لم يبلغكم ما قال صاحبكم؟ قال: أي صاحب يا رسول الله؟ قال: ابن أبي، زعم أنه إن رجع إلى المدينة أخرج الأعز منها الأذل! قال: فأنت يا رسول الله تخرجه إن شئت، فهو الأذل وأنت الأعز، والعزة لله ولك وللمؤمنين. ثم قال: يا رسول الله، ارفق به فوالله لقد جاء الله بك، وإن قومه لينظمون له الخرز، ما بقيت عليهم إلا خرزة واحدة عند يوشع اليهودي، قد أرب (1) بهم فيها لمعرفته بحاجتهم إليها ليتوجوه، فجاء الله بك على هذا الحديث، فما يرى إلا قد سلبته ملكه.
قال: فبينا رسول الله (ص) يسير من يومه ذلك، وزيد بن أرقم يعارض النبي (ص) براحلته، يريه وجهه في المسير، ورسول الله يستحث راحلته فهو مغذ في السير، إذ نزل عليه الوحي. قال زيد بن أرقم: فما هو إلا أن رأيت رسول الله (ص) تأخذه البرحاء ويعرق جبينه، وتثقل يدا راحلته حتى ما كاد ينقلها، عرفت أن رسول الله (ص) يوحى إليه، ورجوت أن يكون ينزل عليه تصديق خبري. قال زيد بن أرقم: فسري عن رسول الله (ص)، فأخذ بأذني وأنا على راحلتي حتى ارتفعت من مقعدي ويرفعها إلى السماء، وهو يقول: وفت أذنك يا غلام، وصدق الله حديثك! ونزل في ابن أبي السورة من أولها إلى آخرها وحده:
(إذا جاءك المنافقون...) (2).
قال عمر: فأقبلت حتى جئت رسول الله (ص) وهو في فئ شجرة، عنده غليم أسيود يغمز ظهره، فقلت: يا رسول الله كأنك تشتكي ظهرك. فقال:
تقحمت بي الناقة الليلة. فقلت: يا رسول الله، إيذن لي أن أضرب عنق ابن أبي