المريسيع [وهو ماء لخزاعة من ناحية قديد إلى الساحل] وقد بلغ القوم مسير رسول الله (ص) وقتله عينهم، فتفرق عن الحارث من كان قد اجتمع إليه من أفناء (1) العرب. وضرب له (ص) قبة من أدم، فصف أصحابه وقد تهيأ الحارث للحرب، ونادى عمر بن الخطاب في الناس: قولوا لا إله إلا الله تمنعوا بها أنفسكم وأموالكم. فأبوا ورموا بالنبل، فرمى المسلمون ساعة بالنبل ثم حملوا على المشركين حملة رجل واحد، فما أفلت منهم إنسان، وقتل منهم عشرة وأسر سائرهم، وسبيت النساء والذرية، وغنمت الإبل والشاء. ولم يقتل من المسلمين إلا رجل واحد يقال له هشام بن صبابة: أصابه رجل من الأنصار من رهط عبادة بن الصامت، وهو يرى أنه من العدو، فقتله خطأ.
فأخرج رسول الله (ص) الخمس من جميع المغنم فكان يليه محمية بن جزء، وكان يجمع إليه الأخماس. وكانت الصدقات على حدتها، أهل الفئ بمعزل عن الصدقة، [وأهل الصدقة] بمعزل عن الفئ. فكان يعطي من الصدقة اليتيم والمسكين والضعيف، وفرق السبي، فصار في أيدي الرجال، وقسم المتاع والنعم والشاء، وصارت جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار في سهم ثابت بن قيس بن شماس أو ابن له - فكاتبها على تسع آواق من ذهب. فبينا النبي (ص) على الماء إذ دخلت عليه تسأله في كتابتها وقالت: يا رسول الله! إني امرأة مسلمة وتشهدت وانتسبت، وأخبرته بما جرى لها، واستعانته في كتابتها، فقال: أو خير من ذلك، أؤدي عنك كتابتك وأتزوجك! قالت: نعم! فطلبها من ثابت فقال: هي لك يا رسول الله. فأدى ما عليها وأعتقها وتزوجها. وخرج الخبر إلى الناس وقد اقتسموا رجال بني المصطلق وملكوهم ووطئوا نساءهم، فقالوا: أصهار النبي!