بيت الله الحرام جالسا حزينا باكيا كئيبا فاخذه وضمه إلى صدره وقبله وقال: يا بن أخي كيف حالك؟ فقال (ص): يا عماه ما تسأل عمن أصبح يتيما لا له والد ولا والدة فسلا خاطره وسكن غضبه وفوته.
وأعظم مواطنه موطنه يوم أحد وهو اليوم الذي بالغ في نصرة ابن أخيه حتى بذل مهجته دونه، وكان يحمل على القوم فإذا رأوه انهزموا ولم يثبت له أحد.
وكانت هند بنت عتبة عليها اللعنة أم معاوية قد أعطت وحشيا عهدا لان قتلت محمدا أو عليا أو حمزة لأعطينك رضاك، وكان الوحشي عبدا لجبير بن مطعم حبشيا فقال وحشي: إن محمدا فلا أقدر عليه واما علي فرأيته رجلا حذرا كثير الالتفات فلم اطمع فيه، فكمنت لحمزة فرأيته يهد الناس هدا فمر بي فوطأ على جرف نهر فسقط فأخذت حربتي فهززتها فوقعت في خاصرته فخرجت من مثانته فسقط فاتيته فشققت بطنه واخذت كبده واتيت بها إلى هند وقلت لها: هذه كبد حمزة، فاخذتها في فيها فلاكتها فجعله الله في فيها كالصخرة فلفظتها، ومن ذلك اليوم لقبت بآكلة الأكباد.
والى هذا أشارت الحوراء زينب في خطبتها بمحضر يزيد، وكيف يرتجى مراقبة من لفظ فوه أكباد الأزكياء، ونبت لحمه بدماء الشهداء، فيا لله من هذه الشجرة الخبيثة التي لم يزالوا يجهدون على قطع الشجرة الطيبة أبو سفيان (لع) صنع برسول الله (ص) ما صنع، وأورد عليه ما أورد، وزوجته هند قتلت حمزة وأرادت أن تأكل كبده فأبى الله أن يدخل شئ من بدن حمزة النار وابنها معاوية قاتل عليا وفرح بقتله، وأمر بتزيين الشام وقتل ولده الحسن الزكي، ولما بلغه قتل الحسن (ع) سجد اللعين في محضر من الناس وابنه يزيد قتل الحسين وسبى نسائه وعياله، وحمل رأسه إلى الشام، يقول الكعبي:
ما كفاها أكل الكبود بأحد * عن حسين في كربلا إذ أتاها وفي زيارة الحسين (ع): اللهم إن هذا يوم تبركت به بنو أمية وابن آكلة الأكباد.
ولما لفظت هند كبد حمزة بعث الله ملكا فحمله ورده إلى موضعه لئلا يفرق بين كبد حمزة وبدنه، وفرق بين رأس الحسين وجسده وبقي جسده في ارض كربلا وحمل رأسه على الرمح أربعين صباحا يطاف به البلدان.