ثم إن هندا لعنها الله جاءت إلى حمزة فقطعت مذاكيره وأصابعه وقطعت اذنيه وجعلتها خرصين وشدتهما في عنقها وقطعت يديه ورجليه. فلما سكن القتال يوم أحد قال رسول الله (ص): من له علم بعمي حمزة؟ فقال له الحارث بن الصمت: اني اعرف موضعه فجاء حتى وقف على حمزة فكره ان يرجع إلى رسول الله فيخبره، فقال رسول الله (ص) لأمير المؤمنين: يا علي اطلب عمك فجاء علي (ع) فوقف على حمزة فكره أن يرجع إلى رسول الله ويفجعه به، فجاء رسول الله بنفسه حتى وقف عليه فرآه وقد شقوا بطنه واخرجوا كبده، وجذعوا انفه، وقطعوا يديه ورجليه واذنيه اختنق بعبرته وبكى وقال: لك الحمد وأنت المستعان واليك المشتكى ثم قال: لن أصاب بمثل حمزة ابدا والله ما وقف موقفا قط أغيظ علي من هذا المكان.
أقول: وقف بعد ذلك موقفا أغيظ على قلبه من ذلك الموقف، متى؟ ليلة الحادي عشر من المحرم حين وقف على ولده الحسين فرآه وقد قطع الشمر رأسه وقطع الجمال يديه ورضت الخيل صدره وظهره:
أحسين هل وافاك جدك زائرا * فرآك مقطوع الوتين معفرا قال (ص): لان مكنني الله من قريش لأمثلن بسبعين رجلا منهم فنزل عليه جبرئيل وقال: (فان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين) واصبر فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: بل اصبر، فالقى رسول الله على حمزة بردة كانت عليه فكانت إذا مدها على رأسه بدت رجلاه، وإذا مدها على رجليه بدا رأسه، فمدها على رأسه والقى على رجليه الحشيش.
أقول: فعل ذلك لئلا تصهره الشمس ولئلا ترى أخته جسده. يا ليته حضر الحسين بكربلا ومد عليه رداءه لئلا تصهره الشمس ولا تراه زينب عريانا مكبوبا على وجهه.
ثم قال (ص): لولا أني أحذر نساء بني عبد المطلب لتركته حتى تأكله السباع والطيور ويحشر يوم القيامة من بطون السباع والطيور، فعند ذلك صاح إبليس بالمدينة ألا قتل محمد، فلم تبق أحد من نساء المهاجرين والأنصار إلا خرجن، وخرجت فاطمة وصفية ولما انتهتا إلى رسول الله ونظرتا إليه قال رسول الله لعلي: أما عمتي فاحبسها وأما فاطمة فدعها فلما دنت فاطمة من رسول الله (ص) ورأته قد شج في وجهه وادمي