وكان يعد بألف فارس ومعه ابنه حسل ابن عمرو وأصحابه، فلما نظروا إلى الخندق قالوا: هذه مكيدة ما كان العرب تعرفها فقيل لهم، هذا من تدبير الفارسي الذي معه فاقتحموا الخندق وعبروه وجالت خيلهم في السبخة بين الخندق وبين المسلمين، وجعل عمرو بن عبد ود ينادي هل من مبارز فقام النبي (ص) في أصحابه وقال: من لهذا الكلب فلم يجبه أحد إلا علي (ع) وقال أنا أبارزه فقال (ص) إنه عمرو فسكت فقال عمرو: هل من مبارز ثم جعل يؤنبهم ويقول: أين جنتكم التي تزعمون إن من قتل يدخلها أفلا يبرز إلي أحد؟ فقال علي (ع) أنا له يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنه عمرو فسكت فركز عمرو بن عبد ود رمحه في الأرض واقبل يجول ويرتجز ويقول:
ولقد بححت من النداء بجمعكم هل من مبارز * ووقفت إذ جبن الشجاع مواقف القرن المناجز اني كذلك لم أزل متسرعا نحو الهرائز * إن الشجاعة في الفتى والجود من خير الغرائز فقال رسول الله (ص): من يبرز لهذا الكلب فلم يجبه أحد فقال علي أنا له يا رسول الله فقال (ص): هذا عمرو بن عبد ود قال علي (ع) وإن كان وانا علي بن أبي طالب، فاذن له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعممه بعمامته وألبسه درعه وقلده سيفه وقال:
اللهم أعنه عليه اللهم احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوق رأسه ومن تحت قدميه فلا تذرني فردا وأنت خير الوارثين، وقال: برز الايمان كله إلى الشرك كله فمر أمير المؤمنين (ع) يهرول ويقول:
لا تعجلن فقد أتاك مجيب صوتك غير عاجز * ذو نية وبصيرة يرجو بذاك نجاة الفائز ولقد دعوت إلى البراز فتى يجيب إلى المبارز * يعليك بيضا صارما كاللمخ حتفا للمناجز فقال عمرو: من أنت؟ قال: أنا علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله وختنه فقال عمرو: والله إن أباك كان صديقا لي وانا أكره أن أختطفك برمحي هذا فأتركك شائلا بين السماء والأرض لا حيا ولا ميتا واني أكره إن أقتلك.
فقال علي (ع): دع هذا يا عمرو اني سمعت تقول: ما يعرض أحد على ثلاث