لا تخرج من المدينة حتى نقاتل في أزقتها فيقاتل الرجل الضعيف والمرأة والعبد والأمة على أفواه السكك، وعلى السطوح فما أردنا قوم قط فظفروا بنا ونحن في حصوننا ودورنا، وما خرجنا على عدو لنا قط إلا كان لهم الظفر علينا.
فقام سعد بن معاذ وغيره من الأوس وقال: يا رسول الله ما طمع فينا أحد من العرب ونحن مشركون نعبد الأصنام فكيف يظفرون بنا وأنت فينا لا نخرج إليهم ونقاتلهم فمن قتل منا كان شهيدا، ومن نجا منا كان مجاهدا في سبيل الله فقبل رسول الله (ص) رأيه، وخرج مع نفر من أصحابه يتبؤن موضع القتال كما قال سبحانه:
(وإذ غدوت من أهلك) الآية، وقعد عنه عبد الله بن أبي وتبعه جماعة من الخزرج واتبعوا رأيه، وكان رسول الله (ص) عبأ أصحابه وهم سبعمائة رجل وخرجوا للقتال وأقبلت قريش ولواء المسلمين بيد أمير المؤمنين (ع)، ولواء الكفار بيد طلحة بن أبي طلحة، وكان يسمى كبش الكتيبة، فضربه علي (ع) فبدرت عينه وصاح صيحة عظيمة وسقط اللواء من يده، وأصحاب اللواء يوم أحد تسعة قتلهم علي (ع) عن آخرهم وقيل قتلاه يوم أحد أربعون رجلا وقيل أكثر سوى من قتل منهم بعدما هزمهم.
والحاصل ولما عبأ رسول الله (ص) أصحابه فوضع عبد الله بن جبير في خمسين من الرماة على باب الشعب واشفق أن يأتيهم من ذلك المكان فقال (ص) لعبد الله بن جبير وأصحابه إن رأيتمونا قد هزمناهم حتى أدخلناهم مكة فلا تبرحوا، والزموا مراكزكم، ووضع أبو سفيان خالد بن الوليد في مائتي فارس كمينا من رواء الشعب وقال له: إذا رأيتمونا قد اختلطنا فاخرجوا عليهم من هذا الشعب حتى تكونوا من ورائهم، فحمل الأنصار على مشركي قريش واشتعلت نيران الحرب ووقعت بينهم حملات كثيرة وضربات موجعة حتى لزمت قريش هزيمة قبيحة.
ووقع أصحاب رسول الله (ص) في سوادهم يسوقونهم وهم بين قتيل وجريح ومنهزم وانحط خالد بن الوليد ومائة فارس من الشعب على عبد الله بن جبير فاستقبلوهم بالسهام فرجعوا فاطمأن المسلمين إلى مراكزهم، ووقعت أعينهم على الأموال فمالوا إلى الغنائم فنظر أصحاب رسول الله وهم في جمع الأموال تركوا باب الشعب واقبلوا إلى الغنائم، فصاح عبد الله بن جبير بأصحابه أيها الناس ان رسول الله (ص) قد تقدم إلينا أن لا نبرح من